وأما كون شهادته في المرئيات التي تحملها قبل العمى إذا عَرف الفاعل باسمه ونسبه وما يتميز به تجوز؛ فلما تقدم.
ولأن العمى فقدُ حاسة لا تُخِلّ بالتكليف. فلا تمنع قبول الشهادة؛ كالصمم.
وأما كونها تُقبل إذا لم يعرف المشهود عليه إلا بعينه على قول القاضي ويصفه للحاكم بما يتميز به؛ فلما تقدم من عموم الأدلة.
وأما كونها يحتمل أن لا تجوز؛ فلما علل المصنف رحمه الله من أن هذا لا ينضبط غالباً.
وأما كون الأعمى إذا شهد عند الحاكم ثم عمي تُقبل شهادته. والمراد به الحكم بها؛ فلأن العمى طرأ بعد أداء الشهادة لا يورث تهمة في حال الشهادة. فلم يمنع الحكم بها؛ كما لو شهد ثم مات.
قال: (وشهادةُ ولد الزنا جائزة في الزنا وغيره).
أما كون شهادة ولد الزنا في الزنا جائزة؛ فلأنه عدلٌ مقبول الرواية. فوجب أن يكون مقبول الشهادة؛ كغيره من العدول.
ولأن ولد الزنا من رجالنا. فوجب أن يدخل في عموم النص المتقدم ذكرها.
فإن قيل: لا ينبغي أن تقبل شهادته بذلك؛ لأن العادة أن من فعل فعلاً قبيحاً يحب أن يكون له نظير.
ولأنه يروى عن عثمان أنه قال: «ودّت الزانيةُ أن النساءَ كلَّهن زنَين».
قيل: أما الأول: فغلط؛ لأن ولد الزنا لم يفعل قبيحاً يحب أن يكون له نظير.
وأما الثاني: فليس يثبت عن عثمان. والأشبه أن لا يكون ثابتاً عنه؛ لأن الأليق بحاله ودينه أن لا يذكر امرأة في ظهر الغيب بمثل ذلك.
وأما كونه في غير الزنا جائزة؛ فلما تقدم ذكره.
ولأنه مقبول الشهادة في الزنا. فوجب أن يكون مقبول الشهادة في غيره بالقياس عليه.