للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: (وتقبلُ شهادة الإنسان على فعل نفسه كالمرضعة على الرضاع، والقاسم على القسمة، والحاكم على حكمه بعد العزل).

أما كون شهادة المرضعة على فعل نفسها تُقبل؛ فلأن عقبة بن الحارث قال: «تزوجتُ أم يحيى بنت أبي إهاب. فجاءت أمةٌ سوداء فقالت: قد أرضعتُكُما. فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: وكيفَ وقد زعمتْ ذلك» (١) متفق عليه.

وأما كون شهادة القاسم على القسمة تقبل؛ فلأن شهادته على فعل النفس. أشبه شهادة المرضع على الرضاع.

وأما كون شهادة الحاكم بعد حكمه بعد عزله تقبل؛ فلأنه شاهد على فعل نفسه. أشبه المرضعة والقاسم.

قال: (وتُقبل شهادة البدوي على القروي، والقروي على البدوي. وعنه: في شهادة البدوي على القروي أخشى أن لا تُقبل فيحتمل وجهين).

أما كون شهادة البدوي على القروي تُقبل على وجه؛ فكشهادة القروي على البدوي.

ولأن من قُبلت شهادته على أهل البلد قُبلت شهادته على أهل القرى. دليله: شهادة القروي على البدوي.

وأما كونها لا تُقبل على وجه؛ فلأنه يروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تجوزُ شهادةُ بدوي على صاحبِ القرية» (٢). رواه أبو داود.

والأول أصح؛ لما تقدم.

والحديث محمول على أن شهادة البدوي لا تُقبل؛ للجهل بعدالته الباطنة. وخص بما ذكر؛ لأن الغالب أنه لا يكون له من يسأله الحاكم عنه.

وأما كون شهادة القروي على البدوي [تقبل] (٣)؛ فلأن تخصيص شهادة البدوي على القروي بعدم جواز القبول مشعر بجواز العكس.


(١) سبق تخريجه ص: ٦٥٧.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (٣٦٠٢) ٣: ٣٠٦ كتاب الأقضية، باب شهادة البدوي على أهل الأمصار.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>