للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون التغليظ بالمكان؛ فلأن في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «منْ حلفَ على منبري هذا بيمين آثمةٍ فليتبوَأْ مقعدَهُ من النار» (١).

فعلى هذا التغليظ بالمكان بمكة بين الركن والمقام؛ لأنه موضع شريف زائد على غيره في الفضيلة، وفي المدينة عند المنبر، وفي بيت المقدس في الصخرة، وفي سائر البُلدان عند المنبر؛ كالمدينة.

وأما كون أهل الذمة يحلفون في المواضع التي يعظّمونها؛ فلأن اليمين تغلظ في حقهم زماناً فكذلك مكاناً. وعن الشعبي: «أنه قال لنصراني: اذهب إلى البيعة». و «قال كعب بن سور في نصراني: اذهبوا إلى المذبح».

قال: (ولا تغلّظُ اليمين إلا فيما له خطرٌ؛ كالجنايات والعتاق والطلاق، وما تجب فيه الزكاة من المال، وقيل: ما يُقطع به السارق.

وإن رأى الحاكم ترك التغليظ فتركه كان مصيباً).

أما كون اليمين لا تغلّظ إلا فيما له خطرٌ كما ذكر المصنف رحمه الله على المذهب؛ فلأن التغليظ للتأكيد، وما لا خطر فيه لا يحتاج إلى تأكيد.

وأما كونه ما يُقطع فيه السارق على قولٍ؛ فلأن قطعه به يدل على الاهتمام به والتأكيد يناسبه.

وأما كون الحاكم إذا رأى ترك التغليظ فتركه كان مصيباً؛ فلأنه مجتهد. فإذا رأى تركه كان مصيباً؛ كما لو رأى أن الحُكم كذَا.


(١) أخرجه أحمد في مسنده (١٤٧٠٤) ٣: ٣٤٤.
وأخرجه مالك في موطئه (١٠) ٢: ٥٥٨ كتاب الأقضية، باب ما جاء في الحنث على منبر النبي صلى الله عليه وسلم.
وأخرجه الشافعي في مسنده (٢٤١) ٢: ٧٣ كتاب الأيمان والنذور. باب فيما يتعلق باليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>