للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون التغليظ كما ذكر المصنف رحمه الله فلأن اللفظ قد دلّ على اعتباره استحلافه في الحديث المذكور بزيادة: «الذي لا إله إلا هو». وغيره من الأيمان والمكان سيأتي ذكرهما بعد إن شاء الله تعالى.

قال: (واليهودي يقول: والله الذي أنزل التوراة على موسى، وفلق له البحر، وأنجاه من فرعون وملائه. والنصراني يقول: والله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، وجعله يحيي الموتى، ويبرئُ الأكمه والأبرص. والمجوسي يقول: والله الذي خلقني وصوّرني ورزقني).

أما كون اليهودي يقول ما ذكر؛ فلما روى أبو هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني لليهود: «نشدتكم باللهِ الذي أنزل التوراة على موسى ما تجدونَ في التوراة على من زنى؟ » (١). رواه أبو داود.

وأما كون النصراني يقول ما ذكر؛ فلأنه لفظ يتأكد به يمينه. أشبه اليهودي.

وعندي في تغليظ يمين النصراني بما ذكر نظر؛ لأن أكثرهم لا يعتقدون أن عيسى رسولٌ إنما يعتقدونه ابناً لله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً. فتغليظ اليمين بما ذكر يؤدي إلى خروج اليمين عن أن تكون يميناً فضلاً أن تكون مغلظة.

وأما كون المجوسي يقول ما ذكر؛ فلأنه يعظّم خالقه ورازقه. أشبه كلمة التوحيد في حق المسلم، وإنزال التوراة في حق اليهودي.

قال: (والزمان يحلفه بعد العصر أو بين الأذانين. والمكان يحلفه بمكة بين الركن والمقام، وفي الصخرة ببيت المقدس، وفي سائر البُلدان عند المنبر. ويحلف أهل الذمة في المواضع التي يعظّمونها).

أما كون التغليظ بالزمان تحليفه بعد العصر؛ فلأن الله تعالى قال: {تحبسونهما من بعد الصلاة} [المائدة: ١٠٦]. قيل: المراد بعد العصر.

وأما كون التغليظ بين الأذانين أي بين الأذان والإقامة؛ فلأنه وقت تُرجى فيه إجابة الدعوة. فيُرجى فيه معاجلة الكاذب بالعقوبة.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (٣٦٢٤) ٣: ٣١٢ كتاب الأقضية، باب كيف يحلف الذمي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>