للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلام المصنف رحمه الله في كون الصلاة في الموضع المغصوب لا تصح يقتضي التعميم سواء كانت جمعة أو غيرها. وقد نص الإمام أحمد رحمه الله على صحة الجمعة في الموضع المغصوب؛ لأنها تختص بموضع معين. والمنع من الصحة يفضي إلى تعطيلها. ولذلك جاز فعلها خلف الخوارج وأهل البدع والفجور. بخلاف باقي الصوات.

فعلى هذا يجب تخصيص كلام المصنف رحمه الله هنا بالصلوات المفروضات والنوافل وما أشبه ذلك مما ليس بجمعة.

وأما كون الصلاة فيما ذكر تصح على روايةٍ: أما فيما عدا الموضع المغصوب؛ فلأن الصلاة في ذلك كله كالصلاة في الموضع المغصوب لاشتراكهما في النهي. وسيأتي دليل صحتها فيه فيما بعد. فيجب أن تصح فيما ذكر لاشتراكهما فيما ذكر.

وأما في الموضع المغصوب؛ فلأنه لم ينقل عن أحد من السلف والخلف أنهم أمروا الظلمة بإعادة ما صلوا في المواضع المغصوبة ولو لم يصح لأمروهم بذلك.

ولأن النهي لمعنى في غير الصلاة أشبه المصلي وفي يده خاتم من ذهب.

وأما قول المصنف رحمه الله: مع التحريم؛ فتنبيه على أن تحريم الصلاة في المواضع المذكورة لا خلاف فيه وإن اختلف في الصحة؛ لأن النهي ورد وظاهره التحريم.

وأما كون حكم المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق حكم المقبرة على قول بعض الأصحاب فلما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «سبع مواطن لا تجوز الصلاة فيها: ظهر بيت الله، والمقبرة (١)، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، وعطن الإبل، ومحجة الطريق» (٢) رواه ابن ماجة.

ولأن المجزرة والمزبلة وقارعة الطريق مظان للنجاسة أشبهت الحش والحمام.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله تعالى هنا أن الصلاة في المواضع الثلاثة صحيحة عنده.


(١) ساقط من ب.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (٣٤٦) ٢: ١٧٧ أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية ما يصلى إليه وفيه.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (٧٤٧) ١: ٢٤٦ كتاب المساجد، باب المواضع التي تكره فيها الصلاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>