للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في المغني: هو قول أكثر أهل العلم. وعلله بأن قوله عليه السلام: «جعلت لي الأرض مسجداً» (١) صحيح متفق عليه. استثني منه المقبرة والحمام والمعاطن للأحاديث الواردة فيها فيبقى فيما عداها على العموم.

ثم قال: حديث المواضع السبعة رواه العمري وزيد بن جبيرة وقد تكلم فيهما من قبل حفظهما.

فإن قيل: ما المراد بالمواضع المذكورة؟

قيل: المجزرة هي موضع ذبح البهائم، والمزبلة: هي التي تجمع فيها الزبل، وقارعة الطريق: هي الطريق الجادة المسلوكة السابلة. وليس المراد كل طريق لأنه لا يخلو موضع من المشي فيه.

ولأن قارعة الطريق إنما سميت بذلك لكثرة قرع الأقدام لها وذلك مفقود في كل طريق.

وأما كون حكم أسطحة ما ذكر حكم المقبرة؛ فلأن سطح الشيء له حكم أسفله؛ لأن الجنب يُمْنع من اللبث على سطح المسجد.

والضمير في قوله: وأسطحتها يحتمل عوده إلى المواضع الثلاثة المذكورة.

قيل: ويحتمل عوده إلى جميع مواضع النهي. وهو ظاهر كلام المصنف رحمه الله في المغني. لأنه نقل عن القاضي أنه علل المنع من الصلاة على ساباط شيء على طريق نافذ بأن العلو تابع للقرار فيثبت فيه حكمه. ثم قال: وعُدي الحكم إلى جميع أسطحة مواضع النهي.

وقال صاحب النهاية بعد ذكره المسألة المذكورة: وطرد القاضي هذا (٢) في المواطن كلها.

وظاهر كلام المصنف رحمه الله هنا أن حكم الأسطحة ليس حكم القرار. وصرح به في المغني فقال: الأولى قصر الحكم على ما يتناوله النهي فلا يتعداه إلى سطح ولا ما سواه؛ لأنه لا يتناوله ولا يُتخيل فيه معنى. ولو علل بالتبعية لم يمنع من الصلاة على الساباط الذي على النهر لكون القرار لا يمنع من الصلاة عليه في سفينة. ولكان ينبغي أن


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٣٢٨) ١: ١٢٨ كتاب التيمم.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٥٢٣) ١: ٣٧١ كتاب المساجد. من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) زيادة من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>