للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كونه لا يشترط في صلاة النافلة على الراحلة في السفر؛ فلما روى ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه. يومئ برأسه. وكان يوتر على بعيره» (١) متفق عليه.

و«كان يصلي على حماره» (٢) رواه أبو داود.

واعلم أن غرض المصنف رحمه الله هنا بيان عدم اشتراط استقبال القبلة في النافلة في الجملة فأما تفصيل ذلك فالراحلة على ضربين:

أحدهما: ما يحتاج فيها إلى حفظ الراكب نفسه بفخذيه وساقيه كراحلة السرج والقتب فهذه يباح لراكبها ترك الاستقبال في جميع صلاته. ويومئ بالركوع والسجود؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا كان يركب. وعلى مثل هذه الحالة كان يتنفل.

الثاني: ما لا يحتاج فيها إلى حفظ الراكب نفسه كالهودج والمحمل ونحوهما. فهذا إن أمكن راكبها الاستقبال في جميع الصلاة والركوع والسجود على ما هو عليه لزمه ذلك لأنه ممكن غير مشق.

وقال أبو الحسن الآمدي: لا يلزمه ذلك؛ لأن الرخصة إذا كانت عامة تعم من وجدت في حقه المشقة ومن لم يوجد.

ولأن في ذلك إضراراً بدابته لتنقله وحركته. فلم يلزمه قياساً على راكب السرج.

ويحتمل أن يكون غرض المصنف رحمه الله هنا بيان عدم اشتراط استقبال القبلة في النافلة على كل راحلة كمذهب الآمدي. وظاهر إطلاقه يؤيد ذلك.

وأما كون ما تقدم ذكره في السفر الطويل والقصير؛ فلأن تجويز ذلك إنما كان تخفيفاً في التطوع كيلا يؤدي إلى تقليله وقطعه. وهذا المعنى موجود في القصير فوجب إلحاقه بالطويل ومساواته له في الجواز.

وأما كون التنفل للماشي يجوز على روايةٍ؛ فلأن الإفضاء إلى التقليل والقطع موجود فيه أشبه الراكب.

فإن قيل: الراكب كالماشي مطلقاً.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (١٠٤٧) ١: ٣٧١ أبواب تقصير الصلاة، باب ينزل للمكتوبة.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٧٠٠) ١: ٤٨٦ كتاب صلاة المسافرين، باب جواز صلاة النافلة على الدابة.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (١٢٢٦) ٢: ٩ كتاب صلاة السفر، باب التطوع على الراحلة والوتر.
وأخرجه أحمد في مسنده (١١٧١٩) ٣: ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>