للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لا. بل مثله في جواز ترك الاستقبال.

أما جواز الإيماء بالركوع والسجود فليس له ذلك. ويلزمه الركوع والسجود على الأرض مستقبلاً؛ لإمكان ذلك. بخلاف الراكب فإن له أن يومئ بهما.

وقال أبو الحسن الآمدي: لا يلزمه ذلك بل يومئ بهما كالراكب لأنها حالة أبيح فيها ترك الاستقبال فلم يجب عليه الركوع والسجود كالراكب.

وأما كونه لا يجوز له ذلك على روايةٍ. وهو ظاهر كلام الخرقي؛ فلأن الرخصة وردت في الراكب، والماشي بخلافه لأنه يأتي في الصلاة بعمل كثير.

وأما كون مَن أمكنه افتتاح الصلاة إلى القبلة يلزمه ذلك على روايةٍ؛ فلأنه قادر عليه فلزمه كما لو قدر عليه في جميع الصلاة من غير مشقة.

وأما كونه لا يلزمه ذلك على روايةٍ؛ فلأنه جزء من أجزاء الصلاة فلم يلزمه كبقية أجزائها، [والحديث يحمل على الندب] (١).

واعلم أن الضمير في قول المصنف رحمه الله: فإن أمكنه؛ يجب عوده إلى الراكب لا إلى الماشي ولا إليه وإلى الراكب، مع أن في عوده إلى الراكب أيضاً نظرٌ:

أما كونه لا يعود إلى الماشي وحده ولا إليه وإلى الراكب؛ فلأن الماشي يلزمه استقبال القبلة حال افتتاح الصلاة إذا أمكنه ذلك على روايةٍ واحدة ذكر ذلك صاحب النهاية. وحكى المصنف رحمه الله في المغني أنه يلزمه الاستقبال ولم يحك خلافه. ولم يحك صاحب المستوعب ولا غيره ممن طالعت تصنيفه مع إمعان المطالعة والمبالغة من أجل تصحيح كلام المصنف رحمه الله هنا غير ذلك.

وأما كون عوده إلى الراكب وحده فيه نظر؛ فلأن الروايتين المذكورتين في الاستقبال حال الافتتاح إنما هما في حال المسايفة: أما النافلة في السفر على الراحلة فإنه ينظر فيها: فإن كانت مقطورة [أو لا تطيع راكبها في انفتالها لم يلزمه الاستقبال؛ لأنه لا يمكنه إلا بمشقة. وإن كانت غير مقطورة] (٢) وتطيعه فالمذهب أنه يلزمه الاستقبال حال الافتتاح ذكره صاحب النهاية فيها وقدمه المصنف في المغني. واحتجا عليه بأن النبي


(١) زيادة من ج.
(٢) ساقط من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>