للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلى الله عليه وسلم «كان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة فكبر ثم صلى حيث كان وجهة ركابه» (١) رواه أبو داود.

وأما عدم لزوم الاستقبال حال الافتتاح فهو مُخَرّج على صلاة الخوف. ذكره المصنف رحمه الله في المغني وصاحب النهاية فيها. ولم يحكه واحد منهما رواية. ولم أعلمه لأحد من الأصحاب. ويمكن أن يتعذر عن إطلاق المصنف رحمه الله الروايتين إذا أراد بذلك الراكب بأن المخرج على روايةٍ قد يطلق عليه رواية نظراً إلى أنه مأخوذ منها. أو يقال بأن المصنف رحمه الله اطلع على روايةٍ لم يطلع عليها غيره ولم ينقلها إلا في مقنعه وفيه بُعْدٌ. وصرح في الكافي بأن في الاستقبال إذا كان سهلاً وجهين.

قال: (والفرض في القبلة إصابة العين لمن قرب منها. وإصابة الجبهة لمن بعد عنها).

أما كون الفرض في القبلة إصابة العين لمن قرب من الكعبة فلا خلاف فيه. ووجهه أنه قادر على التوجه إلى عين الكعبة قطعاً فلم يجز العدول عنه والتوجه إليها ظناً.

والمراد بمن قرب المشاهِدُ لها ومن كان بمكة من أهلها أو ناشئاً بها من وراء حائل محدث كالجدران:

أما المشاهد لها؛ فلأنه قادر على إصابة العين من غير مشقة البتة.

وأما من كان من وراء حائل ممن ذكر؛ فلأنه قادر على إصابة العين بأسباب موصلة إلى ذلك قطعاً على وجه السهولة واليسر فلزمه ذلك كمن صلى بحضرة الكعبة وبينه وبينها رجل قائم أو ستر معلق فإنه يلزمه أن يتسبب إلى أن يعلم عين الكعبة فكذلك هاهنا.

وأما كون الفرض فيها إصابة الجهة لمن بَعُد عنها؛ فلأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين المشرق والمغرب قبلة» (٢). قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

تُرك العمل به (٣) في حق من قرب لما تقدم فيبقى فيما عداه على مقتضاه.


(١) أخرجه أبو داود في سننه (١٢٢٥) ٢: ٩ كتاب الصلاة، باب التطوع على الراحلة.
وأخرجه أحمد في مسنده (١٣١٣١) ٣: ٢٠٣.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (٣٤٤) ٢: ١٧١ أبواب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة.
وأخرجه ابن ماجة في سننه (١٠١١) ١: ٣٢٣ كتاب إقامة الصلاة، باب القبلة.
(٣) زيادة من ج.

<<  <  ج: ص:  >  >>