والرياح التي ذكرها المصنف رحمه الله دلائل قبلة العراق. وأما قبلة الشام فهي مشرقة عن قبلة العراق. فيكون مهب الجنوب لأهل الشام قبلة. وهو من مطلع سهيل إلى مطلع الشمس في الشتاء.
والشمال: مقابلتها تهب من ظهر المصلي لأن مهبها من القطب إلى مغرب الشمس في الصيف.
قال الأصمعي: وليس في الرياح ما له دري غيرها وهو ما تسقيه إلى حائط أو شجرة.
والصبا تهب من يسرة المصلي المتوجه إلى قبلة الشام لأن مهبها من مطلع الشمس في الصيف إلى مطلع العتوق. قاله الفراء.
والدبور: مقابلتها. وربما تدور هذه الرياح بين الحيطان والجبال فلا تعتبر إذاً.
قال:(وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه. ويتبع الجاهل والأعمى أوثقهما في نفسه).
أما كون من اختلف اجتهادهما لا يتبع أحدهما صاحبه؛ فلأن فرض كل واحد منهما (١) ما يؤديه إليه اجتهاده فلا يجوز له أن يقلد صاحبه وإن كان أعلم منه؛ كالعالمين المختلفين في الحادثة.
ولا فرق بين من اجتهد فأداه اجتهاده إلى جهة، وبين من لم يجتهد مع كونه أهلاً للاجتهاد؛ لأن الأهل أمكنه الاجتهاد فلزمه كالحاكم. ولا بين أن يكون الوقت متسعاً أو ضيقاً لما ذكر.
وقال القاضي: ظاهر كلام أحمد أنه يقلد مع الضيق. وأشار إلى قول أحمد فيمن هو في مدينة فتحرى وصلى إلى غير القبلة يعيد لأن عليه أن يسأل. فجعل فرضه السؤال.
وهذا لا دلالة فيه على ما ذكر. بل فيه دلالة على أن المجتهد في المصر لا يجتهد؛ لأنه يمكنه التوصل إلى القبلة بطريق الخبر عن يقين أو بطريق الاستدلال بالمحاريب.
وأما كون كل واحدٍ من الجاهل والأعمى يتبع أوثقهما في نفسه؛ فلأن الصواب إليه أقرب.