للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بأوثقهما في نفسه أعلمهما عنده وأصدقهما قولاً وأشدهما تحرياً لدينه. فعلى هذا لو قلد المفضول لم يصح. وهو ظاهر كلام الخرقي؛ لأنه ترك ما يغلب على ظنه أن الصواب فيه. فلم يتسع له ذلك كالمجتهد إذا ترك اجتهاده.

قال: (وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ أو صلى الأعمى بلا دليل أعادا. فإن لم يجد الأعمى من يقلده صلى. وفي الإعادة وجهان. وقال ابن حامد: إن أخطأ أعاد. وإن أصاب فعلى وجهين).

أما كون البصير إذا صلى في الحضر فأخطأ يعيد؛ فلأنه إنما عذر في الخطأ في السفر لأنه مظنة الاشتباه وعدم الأدلة الموصلة إلى الإصابة يقيناً. بخلاف الحضر فإنه يمكنه التوصل إلى ذلك بالخبر عن يقين وبالاستدلال بالمحاريب.

وتقييد الإعادة بالخطأ مشعر بأنه إذا أصاب لم يعد. وهو صحيح؛ لأنه مأمور بالصلاة إلى القبلة وقد وجدت.

وقيل: يعيد مع الإصابة؛ لأنه ترك فرضه وهو السؤال. والغالب عليه عدم الإصابة فوجب عليه الإعادة ولو أصاب لأنه ترك فرضه مع أنه يغلب على الظن عدم إصابته.

ولوجوب الإعادة عليه أخطأ أو أصاب أطلق المصنف رحمه الله الحكم المذكور.

وأما كون الأعمى الذي لا يجد من يقلده يصلي؛ فلأن فرض السؤال يسقط بعدم المسؤول.

ولأنه لو لم يصل لأدى ذلك إلى خلو الوقت عن صلاة في الجملة. وذلك لا يجوز. دليله من عدم الماء والتراب.

وأما كونه يعيد أخطأ أو أصاب في وجهٍ؛ فلأنه مع عدم الدليل صلى شاكاً في تأدية فرضه فوجب عليه الإعادة وإن أصاب أشبه واجد الدليل إذا صلى بلا سؤاله.

وأما كونه لا يعيد أخطأ أو أصاب في وجهٍ؛ فلأنه قد أتى بما في وسعه وما كلف به فلم تجب الإعادة عليه كالمجتهد.

وأما كونه إن أخطأ أعاد وجهاً واحداً في قول ابن حامد؛ فلأنه اجتمع فيه أمران الصلاة بغير دليل وعدم الإصابة، وإن أصاب على وجهين؛ فلأن النظر إلى أن المقصود إصابة القبلة وقد وجد يقتضي أن لا يعيد.

فإن قيل: فرضه السؤال ولم يوجد.

<<  <  ج: ص:  >  >>