للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون من يدافع أحدهما يعذر في ذلك؛ فلأنه إنما نهي عن الصلاة مع مدافعة الأخبثين، لما في ذلك من ذهاب الخشوع وهو موجود في مدافعة أحدهما.

وعن النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يصلي أحدكم وهو زناء» (١). أي حاقن.

والأخبثان: البول والغائط.

وأما كون الخائف من ضياع ماله أو فواته أو ضررٍ فيه أو موت قريبه، أو على نفسه من ضرر أو سلطان أو ملازمة غريم ولا شيء معه، أو من فوات رفقته أو غلبة نعاس يُعذر في ذلك؛ فلما تقدم من قوله: «وما العذر يا رسول الله! قال: خوف أو مرض».

ولأن المشقة اللاحقة بذلك أكثر من بَلّ الثياب بالمطر الذي هو عذر بالاتفاق.

وأما كون الخائف من الأذى بالمطر أو الوحل يُعذر؛ فلما روي عن ابن عباس «أنه قال لمؤذنه في يوم مطير: إذا قلت (٢): أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل حي على الصلاة. وقل: صلوا في بيوتكم. فعل ذلك من هو خير مني إن الجمعة عَزْمَة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحَضِ» (٣) متفق عليه.

وروى ابن عمر رضي الله عنه قال (٤): «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة المطيرة: صلوا في رحالكم» (٥) رواه ابن ماجة.

وأما كون الخائف من الأذى بالريح الشديدة في الليلة المظلمة الباردة يعذر؛ فلما روى ابن عمر «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر منادياً فيؤذن. ثم يقول على إثر ذلك: ألا إن الصلاة في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة» (٦) رواه ابن ماجة. وإسناده صحيح.


(١) سبق تخريجه ص: ٣٨٠.
(٢) ساقط من ب.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (٨٥٩) ١: ٣٠٦ كتاب الجمعة، باب الرخصة إن لم يحضر الجمعة في المطر.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٦٩٩) ١: ٤٨٥ كتاب صلاة المسافرين، باب الصلاة في الرحال في المطر.
(٤) ساقط من ب.
(٥) أخرجه ابن ماجة في سننه (٩٣٨) ١: ٣٠٢ كتاب إقامة الصلاة، باب الجماعة في الليلة المطيرة.
(٦) أخرجه ابن ماجة في الموضع السابق (٩٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>