للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما كون الإمام يتخطى رقاب الناس. والمراد به أنه لا يكره له ذلك؛ فلأن مكانه متعين لا يمكنه الصلاة في غيره. ولا يستحب له التبكير لأنه يُنتظر ولا يَنتظر.

وأما كون من يرى فرجة لا يكره له ذلك على روايةٍ؛ فلأن من قعد دونها بتأخره أسقط حقه من الاحترام وفوّت على نفسه الفضيلة فلا يفوتها على غيره.

وأما كونه يكره له ذلك على روايةٍ فلما فيه من الأذى لغيره.

وعن الإمام أحمد: إن تخطى الواحد والاثنين فلا بأس لأنه يسير. وإن كثر كره لما فيه من الأذى الكثير.

قال: (ولا يقيم غيره فيجلس مكانه. إلا من قدم صاحباً له فجلس في موضع يحفظه له. وإن وجد مصلى مفروشاً فهل له رفعه؟ على وجهين).

أما كون المصلي لا يقيم غير صاحب له من مكانه فيجلس فيه؛ فلما روى ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُقيم الرجل يعني أخاه من مقعده ويجلس فيه» (١) متفق عليه.

وأما كونه له أن يقيم صاحباً له جلس في موضع يحفظه له فـ «لأن ابن سيرين كان يفعل ذلك».

ولأنه قعد فيه يحفظه له ولا يحصل ذلك إلا بإقامته.

وأما كون من (٢) وجد مصلىً مفروشاً له رفعه على وجهٍ؛ فلأن المفروش لا حرمة له بنفسه والحاضر مسارع مبادر لفضيلة الصلاة فهو أولى من المتأخر.

وأما كونه ليس له رفعه؛ فلأنه كالنائب عنه.

ولأن في رفعه افتياتاً على صاحبه وتصرفاً في ملكه بغير إذنه.


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٨٦٩) ١: ٣٠٩ كتاب الجمعة، باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد في مكانه.
وأخرجه مسلم في صحيحه (٢١٧٧) ٣: ١٧١٤ كتاب السلام، باب تحريم إقامة الإنسان من موضعه المباح الذي سبق إليه.
(٢) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>