للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه فلما روى السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: «هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه وليزك بقية ماله» (١) رواه سعيد.

قال عثمان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكروه فكان إجماعاً.

وروى نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه».

و«لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بأخذ الصدقة من الأغنياء» (٢) ومن عليه دين فقير بدليل أنه يجوز له أن يأخذ من الصدقة لوفاء دينه.

وأما كون مال من عليه دين ينقص النصاب إذا كان المواشي والحبوب والثمار -وتسمى الأموال الظاهرة- لا زكاة فيه في رواية فلما تقدم في الأموال الباطنة.

وأما كونه فيه الزكاة في رواية فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث سعاته إلى أرباب الأموال الظاهرة فيأخذون زكاتها على الكره والرضى»، وكذلك الأئمة بعده ولم يسألوا أربابها عن الدين، ولم يكن هو والخلفاء بعده يفعلون ذلك في الأموال الباطنة فوجب حمل كلام عثمان على الأموال الباطنة جمعاً بينه وبين فعل سعاته صلى الله عليه وسلم وفعل الخلفاء بعده.

ولأن الأموال الظاهرة تعلق بها أطماع الفقراء، والحاجة إلى تحصينها وحفظها أوفر بخلاف الباطنة.

وفي قول المصنف رحمه الله: دين ينقص النصاب؛ إشارة إلى أن الدين الذي يمنع وجوب الزكاة هو الذي ينقص النصاب؛ كمن عليه دين خمسة دراهم وله مائتا درهم، وتنبيه على أنه إذا كان له مثل ما عليه من الدين لا زكاة عليه؛ لأنه إذا منع ما ينقص النصاب به فلأن يمنع ما يقابله بجملته بطريق الأولى.


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١٧) ١: ٢١٦ كتاب الزكاة، باب الزكاة في الدين.
وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٤: ١٤٨ كتاب الزكاة، باب الدين مع الصدقة.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٤٠٩٠) ٤: ١٥٨٠ كتاب المغازي، باب بعث أبي موسى ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما إلى اليمن قبل حجة الوداع.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٩) ١: ٥٠ كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين وشرائع الإسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>