وأما كون الطهور هو الباقي على أصل خلقته ... إلى آخره؛ فلما يأتي ذكره في مواضعه.
وأما كون الباقي على أصل خلقته كماء السماء وذوب الثلج والبرد وماء البحر والبئر والعيون والأنهار وما أشبه ذلك طهور: أما ماء السماء؛ فلما تقدم من قوله تعالى: {وأنزلنا من السماء ماء طهورا}، وقوله تعالى: {وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به}.
وأما ذوب الثلج والبرد؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اللهم طهرني بالثلج والبرد» رواه مسلم.
وأما ماء البحر؛ فقوله عليه السلام: «هو الطهور ماؤه الحل ميتته» رواه الترمذي. وقال: حديث حسن صحيح.
وأما ماء البئر؛ فـ «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ من بئر بُضاعة» رواه النسائي.
وأما ماء العيون والأنهار؛ فلأن مائهما كماء البئر.
وأما كون ما تغير بمكثه طهورًا فلأنه تغير في مقره أشبه الجاري على المعادن.
و«لأن عليًا رضي الله عنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد بماء آجن في دَرَقَته فغسل به وجهه».
وروي «أنه توضأ من غدير كأن ماءه نقاعة الحنا».
ولأن ذلك لا يسلبه اسم الماء المطلق أشبه الباقي على أصل خلقته.
وأما كون ما تغير بطاهر لا يمكن صون الماء عنه كالطحلب وورق الشجر طهورًا؛ فلأنه يشق الاحتراز منه، ولا يسلبه اسم الماء ولا معناه أشبه المتغير بمكثه.
وأما كون ما تغير بطاهر لا يخالطه كالعود والكافور والدهن طهورًا؛ فلأنه تغيرٌ عن مجاورة أشبه ما لو تغير بمجاورة جيفة إلى قربة.
وأما كون ما تغير بما أصله الماء كالملح البحري طهورًا؛ فلأن المتغير به منعقد من الماء أشبه ذوب الثلج.
وأما كون ما تغير بريح منتنة إلى جانبه طهورًا؛ فلأنه تغيرٌ عن مجاورة لا مخالطة.
وأما كون ما سخن بالشمس أو بطاهر طهورًا؛ فلأن السخونة صفة خلق عليها الماء أشبه ما لو برّده. انتهى.
قارن هذا بما جاء في نسخة الشيخ البعلي حيث قال:
إذا تقرر هذا فالماء الطهور أقسام: