وأما كونها لا تجب بالجماع في صوم غير رمضان كقضائه، والصوم المنذور، وعن الكفارة فلأن الوجوب من الشرع ولم يرد في غير رمضان، ولا يصح قياسه على رمضان لأن رمضان له حرمة بخلاف غيره.
فإن قيل: هل في لفظ المصنف رحمه الله ما يدل على عدم وجوب الكفارة بالجماع في غير رمضان حتى يعلل؟ .
قيل: فيه إشعار بذلك، وذلك أن قوله: ولا تجب الكفارة بغير الجماع في صيام رمضان يقتضي أمرين:
أحدهما: عدم وجوب الكفارة بغير الجماع كالوطء دون الفرج، والقبلة المقترنة بالإنزال، وكالإفطار بالأكل والشرب، وغير ذلك لأن ذلك كله غير جماع.
وثانيهما: عدم وجوب الكفارة بالجماع في غير صوم رمضان كما تقدم ذكره لأنه وإن كان جماعاً فهو غير جماع في صيام رمضان.
قال:(والكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً، فإن لم يجد سقطت عنه. وعنه لا تسقط. وعنه أن الكفارة على التخيير فبأيها كفر أجزأه).
أما كون الكفارة عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً فلما روى أبو هريرة «أن رجلاً جاء فقال: يا رسول الله! وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟ قال: لا. قال: فسكت النبي صلى الله عليه وسلم. فبينا نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق من تمر. فقال: أين السائل؟ خذ هذا فتصدق به. فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله! ؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر مني. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال له: أطعمه أهلك»(١) متفق عليه.
وأما كونها مرتبة على المذهب فلأن النبي صلى الله عليه وسلم رتب الثانية والثالثة على عدم وجود ما قبلها، وذلك شأن المرتب.
(١) سبق تخريجه ص: خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة ..