للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما المسخن فلما تقدم من أن السخونة صفة خلق عليها الماء أشبه ما لو برَّده.

و«لأن ابن عباس رضي الله عنهما دخل حمام الجحفة» (١).

ولأن الكراهة تستدعي دليلاً ولم يوجد.

فإن قيل: فقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال لعائشة رضي الله عنها وقد سخنت ماء في الشمس: لا تفعلي. فإنه يورث البرص» (٢) رواه الدارقطني.

وعن أنس أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تغتسلوا بالماء الذي سخن بالشمس فإنه يعدي من البرص» (٣) رواه العقيلي.

قيل: الحديثان غير صحيحين.

ويعضد ذلك إجماع أهل الطب على أن ذلك لا أثر له في البرص وأنه لو أثر لما اختلفا بالقصد وعدمه. ولما اختص بتسخينه في الأواني المنطبعة دون غيرها.

قال: (وإن سخن بنجاسة فهل يكره استعماله؟ على روايتين).

أما كون ما ذُكر يكره على روايةٍ؛ فلأنه يحتمل أن تصل إليه النجاسة فيتنجس. وإذا لم يحكم بذلك فلا أقل من الكراهة.

وأما كونه لا يكره على روايةٍ؛ فلأن الأصل عدم ذلك.

ولا بد أن يلحظ أن تسخين الماء بنجاسة له صور:

إحداها: أن يكون يسيرًا ويحتمل أن تصل إليه النجاسة وأن لا تصل فهذا فيه الخلاف المذكور وعليه ما ذكر.

وثانيها: أن يكون كثيرًا فهذا طهور غير مكروه الاستعمال لأنه يدفع الخبث عن نفسه وأسوأ ما يُقّدَّر وصول النجاسة إليه. وذلك لا أثر له في الماء الكثير إلا أن يغيره.


(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٥: ٦٣ كتاب الحج، باب دخول الحمام في الإحرام وحك الرأس والجسد.
(٢) أخرجه الدارقطني في سننه (٢) ١: ٣٨ كتاب الطهارة، باب الماء المسخن. وقال الدارقطني: غريب جدا، خالد بن إسماعيل -أحد رواة الحديث- متروك.
(٣) أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير ٢: ١٧٦. وقال: ليس في الماء المشمّس شيء يصح مسند، إنما يروى فيه شيء عن عمر رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>