للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأنهما فَعَلا العبادة وهما من غير أهل الوجوب فلم يجزئهما إذا صارا من أهل الوجوب كالصبي يصلي ثم يبلغ في الوقت.

وأما الإجزاء إذا بلغ الصبي وعتق العبد قبل الوقوف في الحج والطواف في العمرة فلأنهما أتيا بالنسك حال الكمال فأجزأهما كما لو وجد ذلك قبل الإحرام.

قال رحمه الله: (ويحرم الصبي المميز بإذن وليه وغير المميز يحرم عنه وليه ويفعل ما يعجز عنه من عمله، ونفقة الحج وكفاراته في مال وليه، وعنه: في مال الصبي).

أما إحرام الصبي المميز بإذن وليه. ومعناه: أن إحرامه لا يصح بغير إذنه فلأنه قد يؤدي إلى لزوم مال فلم ينعقد منه بنفسه كالبيع.

وأما إحرام الولي عن غير المميز فلأنه فعل لا يمكنه فعله بنفسه فناب عنه وليه كسائر ما ينوب عنه فيه.

ومعنى إحرامه عنه عقده الإحرام له فيصير الصبي بذلك محرماً دون الولي كما يعقد له النكاح.

والولي هنا: من يلي ماله، وأمُّه في ظاهر كلامه وظاهر الحديث المتقدم.

وقال القاضي: لا يصح لعدم ولايتها على ماله.

وفي سائر العصبات وجهان بناء على الأم.

وأما فعل الولي عن الصبي ما يعجز عن فعله فلما روى جابر رضي الله عنه قال: «كنا إذا حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لبَّيْنا عن الصبيان ورمينا عنهم» (١) رواه ابن ماجة.

وروي «أن أبا بكر طاف بابن الزبير في خرقة» (٢) رواه الأثرم.

فعلى هذا ما يمكن الصبي فعله من وقوف وغيره لزمه فعله لأن النيابة إنما تجوز مع العجز وذلك منتف.

وأما نفقة الحج ففيها روايتان:

إحداهما: أنها في مال الولي لأنه أدخله وغرر بماله.

والثانية: أنها في مال الصبي لأن ذلك من مصلحته ليألف الحج ويتمرن عليه أشبه أجرة المعلم والطبيب وأجرة من يحمله ليشاهد الجمعة والجماعات.

والأول أصح لما ذكر.


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه (٣٠٣٨) ٢: ١٠١٠ كتاب المناسك، باب الرمي عن الصبيان.
(٢) أخرجه عبدالرزاق في مصنفه (٩٠٢٦) ٥: ٧٠ كتاب المناسك، باب أيّ حين يكره الطواف ...

<<  <  ج: ص:  >  >>