للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فصل [في الاستطاعة]

قال المصنف رحمه الله: (الشرط الخامس: الاستطاعة. وهو: أن يملك زاداً وراحلة صالحة لمثله بآلتها الصالحة لمثله، أو ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلاً عما يحتاج إليه من مسكن وخادم وقضاء دينه ومؤونته ومؤونة عياله على الدوام. ولا يصير مستطيعاً ببذل غيره بحال. فمن كملت له هذه الشروط وجب عليه الحج على الفور).

أما اشتراط الاستطاعة لوجوب الحج فلأن الله سبحانه وتعالى قال: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} [آل عمران: ٩٧] قيّد الوجوب بالاستطاعة.

وقال صلى الله عليه وسلم: «بني الإسلام على خمس. ذكر منها: حج البيت من استطاع إليه سبيلا» (١).

ولأن الحج عبادة يتعلق بقطعها مسافة بعيدة فاعتبر لوجوبها الاستطاعة كالجهاد.

فإن قيل: هل الاستطاعة شرط في الصحة والإجزاء؟

قيل: لا؛ لأن خَلْقاً من الصحابة حجوا ولا شيء لهم ولم يؤمروا بإعادة ذلك.

ولأن الاستطاعة إنما اشترطت للوصول فإذا وصل وفعل الأفعال المعتبرة وجب أن تصح وتجزئ عنه كما لو تكلف المريض فصلى قائماً أو سعى إلى الجمعة فصلاها.

وأما قول المصنف رحمه الله: وهو أن يملك إلى آخره فبيان ماهية الاستطاعة شرعاً. وفي الحديث عن ابن عمر قال: «جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! ما يوجب الحج؟ قال: الزاد والراحلة» (٢) رواه الترمذي. وقال: حديث حسن.

وأما اشتراط صلاحية ذلك لمثله (٣) فلأن ذلك معنى يتعلق به أمر شرعي فاعتبر فيه الصلاحية كالنفقة والسكنى في حق الزوجة.


(١) سبق تخريجه ص: ٦٧.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (٨١٣) ٣: ١٧٧ كتاب الحج، باب ما جاء في إيجاب الحج بالزاد والراحلة.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>