للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن في تكليف الإنسان ما لا يصلح له ضرراً عليه.

فعلى هذا يعتبر في الزاد أن يكون من الخاص إن كان الحاج من أولاد الأمراء والتجار. ومن الكاصة إن كان من أولاد السوقة. وفي الراحلة وآلتها أن يكون جملاً جيداً بمحارة (١) إن كان كالأول. وإن كان من أولاد السوقة وهو قادر على الركوب على القتب فلا تشترط له المحارة ولا كون الجمل جيداً، ولو كان ضعيفاً لا يمكنه الركوب على القتب اشترط في حقه ما يمكنه الركوب معه.

وأما اعتبار ملك ذلك أو القدرة على تحصيله بدراهم أو دنانير أو نحو ذلك فلأن المشترط الاستطاعة وهي حاصلة بكل واحد منهما.

وأما كون الزاد والراحلة المتقدم ذكرهما فاضلاً عما يحتاج إليه من مسكن وخادم فلأن المسكن والخادم من حوائجه الأصلية.

ولأن المفلس يقدم بذلك على غرمائه فلأن يقدم الإنسان بذلك على حجه بطريق الأولى.

وأما كونهما فاضلين عن قضاء دينه فلأن ذمته مشغولة به وبه حاجة إلى براءتها.

وأما كونهما فاضلين عن مؤونته ومؤونة عياله فلأن ذلك مقدم على الدين المقدم على الحج فلأن يقدم على الحج بطريق الأولى.

وفي الحديث: «كفى بالمرء إثماً أن يُضيّعَ من يقوت» (٢) رواه أبو داود.

وأما قول المصنف رحمه الله: على الدوام ففيه نظر وذلك أنه ذكر في المغني والكافي نفقة العيال. وقال فيهما: إلى أن يعود. وكذلك قال سائر الأصحاب. وطريق التصحيح أن يحمل قوله هنا على ذلك، ويمكن أن يحمل ذلك على ظاهره ويكون قد قصد النفقة عليه وعلى عياله في ذهابه وعوده وما بعد ذلك. فإن أبا الخطاب وغيره ذكر نفقة العيال إلى أن يعود. ثم قال: وأن يكون له إذا عاد ما يكفيه من صناعة أو تجارة أو عقار. إلا أن ظاهر كلامه في المغني يقتضي عدم اشتراط ذلك لأنه ذكر نفقة العيال والمسكن والخادم وعلل ذلك. ثم قال: وذكر أبو الخطاب أن من شرط وجوب الحج عليه أن يكون له إذا رجع ما يكفيه من تجارة أو عقار أو نحو ذلك.


(١) المحارة: شبه الهَوْدج.
(٢) أخرجه أبو داود في سننه (١٦٩٢) ٢: ١٣٢ كتاب الزكاة، باب في صلة الرحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>