للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: المعتبر في المسكن والخادم ملكهما أو استئجارهما؟

قيل: ليس في كلام المصنف رحمه الله هنا ولا في بقية كتبه ما يؤذن بذلك لكن ينبغي -والله أعلم- أن ينظر إلى حاله: فإن كان ممن عادته اتخاذ ذلك ملكاً له لم يجب إلا أن يفضل ماله عن ثمن ذلك، وإن كان ممن عادته اتخاذ ذلك استئجاراً لم يقف الوجوب على كونه فاضلاً عن الثمن بل يكون حكم الأجرة حكم نفقته.

وأما عدم صيرورة الإنسان مستطيعاً ببذل غيره بحال فلأن عليه فيه منة فلم يلزمه قبوله كما لو بذلت له الرقبة في الكفارة، وإذا لم يلزمه القبول بقي على ما كان عليه من عدم القدرة على الحج فلا يصير مستطيعاً.

وأما وجوب الحج على من كملت له هذه الشروط فلما تقدم من الكتاب والسنة والإجماع أول الباب السالمة عن معارضة اشتراط الشروط المذكورة.

وأما وجوبه على الفور فلما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة» (١) رواه ابن ماجة.

وعن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من ملك زاداً وراحلة

توصله إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً» (٢) رواه الترمذي.

ولأنه أحد أركان الإسلام فلم يجز تأخيره إلى غير وقت كالصيام.

قال رحمه الله: (فإن عجز عن السعي إليه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه لزمه أن يقيم من يحج عنه، ويعتمر من بلده، وقد أجزأ عنه وإن عوفي).

أما لزوم من عجز عن السعي إلى الحج لكِبَر أو مرض لا يرجى برؤه إقامة من يحج عنه ويعتمر فلما روى ابن رَزِين: «أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن. قال: حج عن أبيك واعتمر» (٣) وهو حديث حسن.

وأما قول المصنف رحمه الله: من بلده فتنبيه على الموضع الذي يجب الحج منه وذلك بلده أو الموضع الذي أيْسَرَ فيه. وذلك في حق الحي العاجز عن السعي والميت


(١) أخرجه ابن ماجة في سننه (٢٨٨٣) ٢: ٩٦٢ كتاب المناسك، باب الخروج إلى الحج.
(٢) أخرجه الترمذي في جامعه (٨١٢) ٣: ١٧٦ كتاب الحج، باب ما جاء في التغليظ بترك.
(٣) سبق تخريجه ص: ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>