للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال رحمه الله: (وأهل مكة إذا أرادوا العمرة فمن الحل. وإن أرادوا الحج فمن مكة. ومن لم يكن طريقه على ميقات فإذا حاذى أقرب المواقيت إليه أحرم).

أما كون ميقات المكي لعمرته من الحل فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عبدالرحمن بن أبي بكر أن يعمر عائشة من التنعيم» (١) متفق عليه.

ولأن أفعال العمرة كلها في مكة فلم يكن بد من الحل ليجمع بين الحل والحرم في إحرامه بخلاف ما إذا حج فإنه لا بد أن يخرج إلى عرفات فيحصل له الجمع بينهما.

وأما كون ميقاته بحجة من مكة فلأن في الحديث المتقدم: «وكذلك أهل مكة يهلون من مكة» (٢).

فإن قيل: الحديث شامل للحج والعمرة فلم اختص بالحج؟

قيل: لما فيه من الجمع بينه وبين إعمار عائشة من التنعيم.

فإن قيل: الكلام في المكي، وعائشة رضي الله عنها لم تكن مكية؟

قيل: المراد بأهل مكة من كان قاطناً بها ومن هو فيها على كل حال لاستوائهما معنى.

وأما إحرام من لم يكن طريقه على ميقاتٍ إذا حاذى أقرب المواقيت إليه فـ «لأن عمر رضي الله عنه قال لأهل العراق لما سألوه الميقات: انظروا حذوها من طريقكم» (٣) رواه البخاري.

ولأن هذا مما يعرف بالاجتهاد والتقدير فإذا اشتبه دخله الاجتهاد كالقبلة.

قال رحمه الله: (ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوز الميقات بغير إحرام إلا لقتال مباح أو حاجة متكررة كالحطّاب ونحوه. ثم إن بدا له النسك أحرم من موضعه. ومن جاوزه مريداً للنسك رجع فأحرم منه. فإن أحرم من موضعه فعليه دم وإن رجع إلى الميقات).

أما عدم جواز تجاوز الميقات غير مُحْرِم لمن أراد دخول مكة لغير قتال وحاجة متكررة فلأن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت المواقيت المتقدمة وقال: «هن لهن ولمن أتى عليهن» (٤).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٨٢٣) ٣: ١٠٨٩ كتاب الجهاد والسير، باب إرداف المرأة خلف أخيها.
وأخرجه مسلم في صحيحه (١٢١٢) ٢: ٨٨٠ كتاب الحج، باب بيان وجوه الإحرام ...
(٢) سبق تخريجه قريباً.
(٣) سبق تخريجه قريباً.
(٤) سبق تخريجه ص: ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>