للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه تجاوز الميقات غير محرم إلا فيما يأتي ذكره ولو كان ذلك جائزاً لفعل ولو مرة تبييناً للجواز.

ولأنه لو جاز تجاوز غير محرم لما وجب على من نذر دخول مكة الإحرام وهو واجب لما يأتي في موضعه.

وأما جواز تجاوزه غير محرم لمن أراد دخول مكة لقتال مباح فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح (١) مكة وعلى رأسه المغفر» (٢) ولم ينقل أنه أحرم هو ولا أحد من أصحابه.

وأما جوازه لمن له حاجة متكررة كالحطّاب والحشّاش فلأنه لو وجب ذلك عليه مع تكرره لأدى إلى ضرره وحصول المشقة وذلك منفي شرعاً.

وأما إحرام من بدا له النسك بعد تجاوزه الميقات غير محرم من موضعه فلأنه حينئذ بدا له النسك فيحرم من موضعه كمن منزله دون مكة.

وأما رجوع من جاوزه مريداً للنسك إلى الميقات وإحرامه منه فلأن الإحرام من الميقات واجب ومن قدر على الواجب لزمه فعله.

وأما وجوب الدم عليه إذا أحرم من موضعه فلأنه ترك الواجب.

وأما قول المصنف رحمه الله: وإن رجع إلى الميقات فتنبيه على أن الرجوع إلى الميقات بعد الإحرام من دونه لا يُسقط الدم لأنه استقر وجوبه بإحرامه من دون الميقات فلم يسقط كمن لم يرجع.

قال رحمه الله: (والاختيار أن لا يحرم قبل ميقاته، ولا يحرم بالحج قبل أشهره فإن فعل فهو محرم. وأشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة).

أما كون الاختيار أن لا يحرم قبل الميقات فـ «لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من ذي الحليفة» (٣) ولم يكن يترك المختار.


(١) في ج: الفتح.
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه (٢٨٧٩) ٣: ١١٠٧ كتاب الجهاد والسير، باب قتل الأسير وقتل الصبر، عن أنس بن مالك.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه (١٤٤٤) ٢: ٥٥٢ كتاب الحج، باب: قول الله تعالى {يأتوك رجالاً ... }.

<<  <  ج: ص:  >  >>