للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: الطبخ إن اعتبر فيه تغيّر الاسم أو غلبة الأجزاء كان كالنوعين قبله. فلا حاجة إلى ذكره، وإن لم يعتبر فيه ذلك (١) دخل فيه ما لو سلق في ماء بيض فإنه يسمى طبيخًا؛ بدليل ما لو حلف ليطبخن قدرًا بكيلجة ملح ولا يجد طعمه. فإنهم قالوا: يسلق فيها بيضًا. وطبيخ ما ذكر لا يسلب طهورية (٢) الماء.

قيل: المراد الطبخ المعتاد. وما ذكر نادر فلا يحمل الكلام عليه. على أن قوله طبخ فيه لا عموم له.

الضرب الثاني: مختلف فيه. وهو أنواع:

أحدها: ماء خالطه طاهر فغير أحد أوصافه المذكورة. وفيه روايتان: إحداهما أنه طاهر غير مطهر؛ لأنه غيّر صفته. أشبه ماء الباقلاء المغلي.

والرواية الثانية: أنه طاهر مطهر؛ لقول الله تعالى: {فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة: ٦]. وهذا ماء فلا يجوز التيمم معه.

ومثله «قوله عليه السلام لأبي ذر: التراب كافيك ما لم تجد الماء» (٣).

ولأن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين كانوا يسافرون وغالب أسقيتهم الأدم والظاهر تغيّر الماء فيها.

ولأنه طهور خالطه طاهر لم يسلبه اسم الماء ولا رقته ولا جريانه أشبه المتغير بالدهن.

والأولى أصح؛ لما تقدم.

ولأن الماء له صفتان الطهورية والطهارية. والمخالف له على نوعين مخالف في صفته وهو النجاسة فإذا تغير به سلبه الصفتين جميعًا.

والثاني: مخالف له في إحدى صفتيه فإذا تغير به وجب أن يسلبه ما خالفه فيه.

والآية والخبر مطلقان والمطلق من الأسماء ينصرف إلى المطلق من المسميات. والماء المطلق هو غير المضاف إلى قيد مخصص به. وهذا ماء يصح أن يقيد. فيقال: ماء زعفران ونحوه. ثم هما مخصوصان بماء الباقلاء المغلي فيخصصان بما ذكر قياسًا عليه.


(١) في ج التغيير.
(٢) في ب: طعمه.
(٣) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ١: ١٧٩ كتاب الطهارة، باب فرض الغسل.

<<  <  ج: ص:  >  >>