وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مِعْيَارًا لَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَتَّسِعُ غَيْرَهَا كَالصَّوْمِ فِي يَوْمِ رَمَضَانَ فَإِنَّ التَّعْيِينَ لَيْسَ بِشَرْطٍ إنْ كَانَ الصَّائِمُ صَحِيحًا مُقِيمًا فَيَصِحُّ بِمُطْلَقِ النِّيَّةِ وَنِيَّةِ النَّفْلِ وَوَاجِبٌ آخَرُ لِأَنَّ التَّعْيِينَ فِي الْمُتَعَيَّنِ لَغْوٌ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ سَوَاءٌ نَوَى وَاجِبًا آخَرَ أَوْ نَفْلًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ وَقْتُهَا مِعْيَارًا.
الْمُرَادُ مِنْ الْمِعْيَارِ الْمُثْبِتُ بِقَدْرِ الْفِعْلِ حَيْثُ يَطُولُ بِطُولِهِ وَيَقْصُرُ بِقِصَرِهِ، وَوَقْتُ الصَّوْمِ مِعْيَارٌ، لَا ظَرْفٌ، بِخِلَافِ الصَّلَاةِ كَذَا فِي الْبِنَايَةِ.
قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالصَّحِيحُ وُقُوعُهُ عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمَّا صَامَ الْتَحَقَ بِالصَّحِيحِ؛ وَاخْتَارَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ، وَصَحَّحَهُ فِي الْمَجْمَعِ؛ وَقِيلَ: يَقَعُ عَمَّا نَوَى كَالْمُسَافِرِ؛ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرُ الْمَشَايِخِ.
وَقِيلَ: إنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّمُرْتَاشِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ وَقِيلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَضُرَّهُ الصَّوْمُ فَيَتَعَلَّقُ بِخَوْفِ الزِّيَادَةِ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَضُرَّهُ الصَّوْمُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَرَضَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَا لَا يَضُرُّهُ الصَّوْمُ.
مَعَهُ كَالْأَمْرَاضِ الرُّطُوبِيَّةِ وَفَسَادِ الْهَضْمِ بَلْ يُفِيدُهُ فَلَا رُخْصَةَ فِيهِ، وَمَا يَضُرُّهُ كَالْحُمَّيَاتِ الْمُطْبِقَةِ وَوَجَعِ الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ فَفِيهَا الرُّخْصَةُ.
وَأَمَّا بِالْعَجْزِ عَنْ الصَّوْمِ أَوْ خَوْفِ الِازْدِيَادِ، فَفِي صُورَةِ خَوْفِ الِازْدِيَادِ لَوْ صَامَ فَهُوَ كَالْمُسَافِرِ وَفِي صُورَةِ الْعَجْزِ فَكَالصَّحِيحِ.
كَذَا فِي شَرْحِ الْغَابِيّ عَلَى الْمُغْنِي، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مَا إذَا أَطْلَقَ النِّيَّةَ عَنْ صِفَةِ النَّفْلِ، وَالْوَاجِبُ لِوُقُوعِ الْخِلَافِ فِيهَا بِنَاءً عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ وَفَهْمُهُمَا مِنْ اللَّتَيْنِ فِي النَّفْلِ، فَمَنْ قَالَ بِوُقُوعِهَا عَنْ النَّفْلِ قَالَ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا عَنْ رَمَضَانَ لِأَنَّهُ لَمَّا صَارَ رَمَضَانُ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ شَعْبَانَ حَتَّى قِيلَ سَائِرُ أَنْوَاعِ الصَّوْمِ، فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعْيِينِ لِيَنْصَرِفَ صَوْمُهُ إلَيْهِ، وَأَمَّا عَلَى الرِّوَايَةِ بِوُقُوعِ النَّفْلِ عَنْ رَمَضَانَ فَلَا أَشُكُّ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ فَرْضِ الْوَقْتِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ الْفَرْضَ، فَبِالنِّيَّةِ الْمُطْلَقَةِ الَّتِي تَحْتَمِلُهُ أَوْلَى أَنْ يَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ إطْلَاقَ النِّيَّةِ بِوُقُوعِ صَوْمِهِ عَنْ رَمَضَانَ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute