مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ ١ - يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا بِخِلَافِ الْقَاضِي، وَلَا يَجُوزُ تَعَدُّدُهُ فِي عَصْرٍ وَاحِدٍ وَجَازَ تَعَدُّدُ الْقَاضِي، وَلَوْ فِي مِصْرٍ وَاحِدٍ.
٢ - وَلَا يَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِالْفِسْقِ بِخِلَافِ الْقَاضِي عَلَى قَوْلٍ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
[مَا افْتَرَقَ فِيهِ الْإِمَامَةُ الْعُظْمَى وَالْقَضَاءُ]
قَوْلُهُ: الْإِمَامَةُ إلَخْ. أَقُولُ: قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ: الْإِمَامُ الْخَلِيفَةُ (انْتَهَى) . وَقِيلَ الْإِمَامُ أَعَمُّ. قَالَ الْعَلَّامَةُ التَّفْتَازَانِيُّ: لَكِنَّ هَذَا الِاصْطِلَاحَ مِمَّا لَمْ نَجِدْهُ لِلْقَوْمِ بَلْ مِنْ الشِّيعَةِ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَعَمُّ وَلِهَذَا يَقُولُونَ بِخِلَافِ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ دُونَ إمَامَتِهِمْ.
(٢) قَوْلُهُ: يُشْتَرَطُ فِي الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ قُرَشِيًّا. . . إلَخْ اعْلَمْ أَنَّ شَرَائِطَ الْإِمَامَةِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ وَالتَّكْلِيفِ خَمْسٌ: الذُّكُورَةُ وَالْوَرَعُ وَالْعِلْمُ وَالْكِتَابَةُ وَنَسَبُ قُرَيْشٍ؛ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ» .
فَإِذَا اجْتَمَعَ عَدَدٌ مِنْ الْمَوْصُوفِينَ فَالْإِمَامُ مَنْ انْعَقَدَ لَهُ الْبَيْعَةُ مِنْ أَكْثَرِ الْخَلْقِ، وَالْمُخَالِفُ لِأَكْثَرِ الْخَلْقِ بَاغٍ يَجِبُ رَدُّهُ إلَى انْقِيَادِ الْمُحَقِّ وَلَوْ تَعَذَّرَ وُجُودُ الْوَرَعِ وَالْعِلْمِ فِيمَنْ تَصَدَّى لِلْإِمَامَةِ وَكَانَ فِي صَرْفِهِ إثَارَةُ فِتْنَةٍ لَا تُطَاقُ حَكَمْنَا بِانْعِقَادِ إمَامَتِهِ؛ لِأَنَّا بَيْنَ أَنْ تُحَرَّكَ فِتْنَتُهُ بِالِاسْتِبْدَالِ فَمَا يَلْقَى الْمُسْلِمُونَ مِنْ الضَّرُورَاتِ أَزْيَدُ عَلَى مَا يَفُوتُهُمْ مِنْ نُقْصَانِ هَذِهِ الشَّرَائِطِ الَّتِي تَثْبُتُ لِمَزِيدِ الْمَصْلَحَةِ فَلَا نَهْدِمُ أَصْلَ الْمَصْلَحَةِ شَغَفًا بِمَزَايَاهَا كَاَلَّذِي يَبْنِي قَصْرًا وَيَهْدِمُ مِصْرًا، وَبَيْنَ أَنْ يُحْكَمَ بِخُلُوِّ الْبِلَادِ عَنْ الْإِمَامِ وَبِفَسَادِ الْأَقْضِيَةِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ وَنَحْنُ نَقْضِي بِنُفُوذِ قَضَاءِ أَهْلِ الْبَغْيِ فِي بِلَادِهِمْ لِمَسِيسِ حَاجَتِهِمْ فَكَيْفَ لَا نَقْضِي بِصِحَّةِ الْإِمَامَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ أَوْ الضَّرُورَةِ.
(٣) قَوْلُهُ: وَلَا يَنْعَزِلُ الْإِمَامُ بِالْفِسْقِ. . . إلَخْ وَهُوَ الْخُرُوجُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَلَا بِالْجَوْرِ وَهُوَ ظُلْمُ الْعِبَادِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ الْفِسْقُ وَانْتَشَرَ الْجَوْرُ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَالْأُمَرَاءِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ. وَالسَّلَفُ كَانُوا يَنْقَادُونَ لَهُمْ وَيُقِيمُونَ الْجُمَعَ وَالْأَعْيَادَ بِإِذْنِهِمْ، وَلَا يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَلَيْهِمْ. وَلِأَنَّ الْعِصْمَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا لِلْإِمَامَةِ ابْتِدَاءً فَبَقَاءً أَوْلَى. وَعَنْ هَذَا قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:
وَطَاعَةُ مَنْ إلَيْهِ الْأَمْرُ فَالْزَمْ ... وَإِنْ كَانُوا بُغَاةً جَائِرِينَا
فَإِنْ كَفَرُوا كَكُفْرِ بَنِي عُبَيْدٍ ... فَلَا تَسْكُنْ دِيَارَ الْكَافِرِينَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute