للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ ١ -: لَمْ أَرَهَا الْآنَ لِأَصْحَابِنَا - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، وَأَرْجُو مِنْ كَرَمِ الْفَتَّاحِ أَنْ يَفْتَحَ بِهَا أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ مَسَائِلِهَا؛ ٢ -: وَهِيَ الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ ٣ -، وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ مَكْرُوهٌ، وَفِي غَيْرِهَا مَحْبُوبٌ.

ــ

[غمز عيون البصائر]

[الْقَاعِدَةُ الثَّالِثَةُ الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ]

قَوْلُهُ: لَمْ أَرَهَا الْآنَ لِأَصْحَابِنَا إلَخْ: أَقُولُ: فِي الْمُضْمَرَاتِ نَقْلًا عَنْ النِّصَابِ، وَإِنْ سَبَقَ أَحَدٌ بِالدُّخُولِ إلَى الْمَسْجِدِ، وَأَخَذَ مَكَانَهُ فِي الصَّفِّ الْأَوَّلِ فَدَخَلَ رَجُلٌ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ أَهْلُ عِلْمٍ، يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَأَخَّرَ، وَيُقَدِّمَهُ تَعْظِيمًا لَهُ (انْتَهَى) .

قِيلَ: فَهَذَا مُفِيدٌ لِجَوَازِ الْإِيثَارِ فِي الْقُرَبِ عَمَلًا بِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] إلَّا إذَا قَامَ دَلِيلُ تَخْصِيصٍ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِيثَارِ فِي الْقُرَبِ مَا قَالُوهُ: إنَّ مِنْ الْآدَابِ أَنْ يُبْدَأَ بِغَسْلِ أَيْدِي الشُّبَّانِ قَبْلَ الطَّعَامِ، وَبِأَيْدِي الشُّيُوخِ بَعْدَهُ فَالشُّيُوخُ يُؤْثِرُونَ الشُّبَّانَ قَبْلَهُ، وَيُقَدِّمُونَهُمْ، وَالشُّبَّانُ يُؤْثِرُونَ الشُّيُوخَ بَعْدَهُ مَعَ أَنَّ غَسْلَ الْأَيْدِي قَبْلَ الطَّعَامِ، وَبَعْدَهُ سُنَّةٌ فَهَذَا إيثَارٌ فِي الْقُرَبِ (انْتَهَى) ، وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

(٢) قَوْلُهُ: وَهِيَ الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ: الْإِيثَارُ: أَنْ يُؤْثِرَ غَيْرَهُ بِالشَّيْءِ مَعَ حَاجَتِهِ إلَيْهِ، وَعَكْسُهُ الْأَثَرَةُ، وَهِيَ اسْتِيثَارُهُ عَنْ أَخِيهِ بِمَا هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً» ، وَالْإِيثَارُ ضَرْبَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ فِيمَا لِلنَّفْسِ فِيهِ حَظٌّ فَهُوَ مَطْلُوبٌ كَالْمُضْطَرِّ يُؤْثِرُ بِطَعَامِهِ غَيْرَهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ مُسْلِمًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩] . وَالثَّانِي: فِي الْقُرَبِ كَمَنْ يُؤْثِرُ بِالصَّفِّ الْأَوَّلِ غَيْرَهُ، وَيَتَأَخَّرُ أَوْ يُؤْثِرُهُ بِقُرْبِهِ مِنْ الْإِمَامِ فِي الصَّلَاةِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ، كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ.

(٣) قَوْلُهُ: قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْإِيثَارُ فِي الْقُرَبِ مَكْرُوهٌ: أَقُولُ: قَدْ قَدَّمْنَا

<<  <  ج: ص:  >  >>