حَرَامٌ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي فَتَاوَى الْقَاعِدِيِّ وَخِزَانَةِ الْمُفْتِينَ أَنَّ السُّلْطَانَ إذَا أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ، يَجِبُ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوا السُّلْطَانَ وَيَقُولُوا: لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك أَمْرًا، إنْ أَطَاعُوك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُ الْخَالِقِ، وَإِنْ عَصَوْك يَلْزَمُ مِنْهُ سَخَطُك إلَى آخِرِ مَا فِيهَا.
٢٤٥ - لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ، فَلَوْ قَالَ: رَجَعْت عَنْ قَضَائِي أَوْ وَقَعْت فِي تَلْبِيسِ الشُّهُودِ أَوْ أَبْطَلْت حُكْمِي لَمْ يَصِحَّ، وَالْقَضَاءُ مَاضٍ، كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَقَيَّدَهُ فِي الْخُلَاصَةِ بِمَا إذَا كَانَ مَعَ شَرَائِطِ الصِّحَّةِ. وَفِي الْكَنْزِ بِمَا إذَا كَانَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ وَشَهَادَةٍ مُسْتَقِيمَةٍ (انْتَهَى) .
إلَّا فِي مَسَائِلَ: الْأُولَى: إذَا كَانَ الْقَضَاءُ بِعِلْمِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ وَهْبَانَ اسْتِنْبَاطًا مِنْ تَقْيِيدِ الْخُلَاصَةِ بِالْبَيِّنَةِ.
الثَّانِيَةُ: ٢٤٦ - إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ وَجَبَ عَلَيْهِ نَقْضُهُ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَبَدَّلَ رَأْيُ الْمُجْتَهِدِ.
الثَّالِثَةُ:
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَاضٍ آخَرَ إنْ لَمْ يَدَّعِ قَضَاءَ الْقَاضِي بِرُجُوعِهِمْ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ أَيْضًا، وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُمْ عِنْدَ الْقَاضِي وَقَضَى بِرُجُوعِهِمْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ، وَلَوْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ قُبِلَتْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الشُّهُودَ؛ لِأَنَّ رُجُوعَ الشُّهُودِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ يَصِحُّ كَمَا لَوْ رَجَعُوا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي قَضَى بِشَهَادَتِهِمْ (انْتَهَى) .
فَقَدْ جَوَّزَ تَحْلِيفَ الشُّهُودِ. ثُمَّ ظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عِنْدَ مُحَكَّمٍ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ هَذَا مِمَّا خَالَفَ حُكْمَ الْقَاضِي
[رُجُوعُ الْقَاضِي عَنْ قَضَائِهِ]
(٢٤٥) قَوْلُهُ: لَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَاضِي إلَخْ. قَيَّدَ بِالرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِمَا فِي الْفَوَائِدِ الْبَدْرِيَّةِ لِابْنِ الْغَرْسِ، وَنَصُّ عِبَارَتِهَا: وَالْمُفْتَى بِهِ إنَّ الْقَاضِي إذَا قَالَ: لَمْ أَقْضِ وَقَالَ الشُّهُودُ: قَضَى كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْقَاضِي.
(٢٤٦) قَوْلُهُ: إذَا ظَهَرَ لَهُ خَطَؤُهُ أَيْ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ كَحَنَفِيٍّ قَضَى بِصِحَّةِ هِبَةِ الْمَشَاعِ الْمُحْتَمَلِ لِلْقِسْمَةِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute