شَهِدَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنُ الْمَيِّتِ فَادَّعَى عَلَى مُسْلِمٍ بِحَقٍّ.
وَتَمَامُهُ فِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ. لَا يَقْضِي الْقَاضِي لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ ١٥٧ - إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ. أَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ فَأَثْبَتَ أَنَّ فُلَانًا وَصِيُّهُ صَحَّ، وَبَرِئَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ امْتَنَعَ الْقَضَاءُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
فَتُقْبَلُ لِلضَّرُورَةِ كَمَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَابِلَةِ فِي الْوِلَادَةِ. أَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِنَّهَا فِي الْغَالِبِ تَقَعُ فِي حَالَةِ الْخُرُوجِ وَمُخَالَطَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا ضَرُورَةَ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -
(١٥٦) قَوْلُهُ: شَهِدَ أَنَّ النَّصْرَانِيَّ ابْنُ الْمَيِّتِ إلَخْ. يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ لَوْ حَضَرَ وَادَّعَى أَنَّ فُلَانَ النَّصْرَانِيَّ مَاتَ، وَأَنَّهُ ابْنُهُ وَوَارِثُهُ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَحْضَرَ غَرِيمًا مُسْلِمًا فَأَنْكَرَ الْبُنُوَّةَ فَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ ذِمِّيَّيْنِ لَا تُقْبَلُ قِيَاسًا؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى الْمُسْلِمِ قَصْدًا وَتُقْبَلُ اسْتِحْسَانًا لِلضَّرُورَةِ.
وَبَيَانُهَا أَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالنِّكَاحِ وَالْوِلَادَةِ، وَالْمُسْلِمُونَ لَا يُحْضِرُونَهُمْ فِيهِمَا فَمَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى قَبُولِهَا
صِيَانَةً لِحُقُوقِهِمْ
[قَضَاء الْقَاضِي لِنَفْسِهِ]
(١٥٧) قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْوَصِيَّةِ أَوْ كَانَ الْقَاضِي غَرِيمَ مَيِّتٍ إلَخْ. يَعْنِي: رَجُلٌ لَهُ عَلَى الْقَاضِي دَيْنٌ أَوْ عَلَى بَعْضِ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاضِي لَهُ، فَمَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ فَادَّعَى رَجُلٌ أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ هَذَا الْقَاضِي الْمَدْيُونِ فَقَضَى بِوِصَايَتِهِ جَازَ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ صَلَحَ شَاهِدًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَصْلُحُ قَاضِيًا. دَلَّ عَلَى أَنَّ الْغَرِيمَيْنِ اللَّذَيْنِ لِلْمَيِّتِ عَلَيْهِمَا دَيْنٌ لَوْ شَهِدَا بِالْوَصِيَّةِ لِرَجُلٍ وَالْمَوْتُ ظَاهِرٌ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ الدَّيْنَ الَّذِي لِلْمَيِّتِ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِوِصَايَتِهِ صَحَّ الدَّفْعُ، وَبَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لِدَفْعِهِ إلَى وَصِيِّ الْمَيِّتِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا الْقَاضِي دَفَعَ الدَّيْنَ أَوَّلًا إلَى رَجُلٍ يَزْعُمُ أَنَّهُ وَصِيُّ الْمَيِّتِ ثُمَّ شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَهُ بِوِصَايَةِ الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ فَقَضَى بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ لَا يَنْفُذُ قَضَاؤُهُ، وَإِذَا لَمْ يَنْفُذْ قَضَاؤُهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ لَا يَصْلُحُ شَاهِدًا لِهَذَا الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ يُثْبِتُ بَرَاءَتَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَشَهَادَةُ الْمَرْءِ لِنَفْسِهِ لَا تُقْبَلُ. فَكَذَا قَضَاؤُهُ حَتَّى لَوْ عُزِلَ هَذَا الْقَاضِي أَوْ مَاتَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ الثَّانِي يُبْطِلُ الْقَضَاءَ الْأَوَّلَ وَلَا يَجْعَلُ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute