كِتَابُ الْهِبَةِ.
١ - هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ ٢ - إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
[كِتَابُ الْهِبَةِ]
قَوْلُهُ: هِبَةُ الْمَشْغُولِ لَا تَجُوزُ.
وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ دَارٌ وَفِيهَا أَمْتِعَةٌ فَوَهَبَهَا مِنْ رَجُلٍ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَشْغُولٌ بِمَا لَيْسَ بِمَوْهُوبٍ فَلَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ؛ فَرْقٌ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ مَا إذَا وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ دَارَهَا مِنْ زَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا وَلَهَا أَمْتِعَةٌ فِيهَا وَالزَّوْجُ سَاكِنٌ مَعَهَا حَيْثُ يَصِحُّ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا وَمَا فِي يَدِهَا فِي الدَّارِ فِي يَدِهِ؛ فَكَانَتْ الدَّارُ مَشْغُولَةً بِعِيَالِهِ، وَهَذَا لَا يَمْنَعُ صِحَّةَ قَبْضِهِ.
كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَقَيَّدَ بِهِبَةِ الْمَشْغُولِ؛ لِأَنَّ هِبَةَ الشَّاغِلِ لِمِلْكِ الْوَاهِبِ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ التَّسْلِيمَ كَمَا لَوْ وَهَبَ مَتَاعًا فِي دَارِهِ وَطَعَامًا فِي جِرَابِهِ إذَا سَلَّمَهَا بِمَا فِيهَا؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْمَظْرُوفَ يَشْغَلُ الظَّرْفَ أَمَّا الظَّرْفُ فَلَا يَشْغَلُ الْمَظْرُوفَ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَالْغُرَرِ.
وَظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاغِلُ مِلْكَ الْوَاهِبِ أَوْ مِلْكَ غَيْرِهِ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ.
وَفِي الْعِمَادِيَّةِ عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُقَالَ: كَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُعْطِي أَنَّ هِبَةَ الْمَشْغُولِ فَاسِدَةٌ وَاَلَّذِي فِي الْعِمَادِيَّةِ أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةٍ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ كَمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي هِبَةِ الْمُشَاعِ الْمُحْتَمِلِ لِلْقِسْمَةِ هَلْ هِيَ فَاسِدَةٌ أَوْ غَيْرُ تَامَّةٍ.
وَفِي الْبِنَايَةِ الْأَصَحُّ: أَنَّهَا غَيْرُ تَامَّةٍ فَكَذَلِكَ هُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِمَا إذَا لَمْ يُودَعْهُ مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ أَمَّا لَوْ أُودِعَ الشَّاغِلَ مِنْهُ ثُمَّ سَلَّمَهُ مَا وَهَبَهُ صَحَّتْ الْهِبَةُ وَهَذِهِ حِيلَةٌ فِي جَوَازِ هِبَةِ الْمَشْغُولِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ. (٢) قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا وَهَبَ الْأَبُ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: رَجُلٌ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَالْأَبُ سَاكِنُهَا؛ قَالَ الْإِمَامُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَجُوزُ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ تَجُوزُ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى (انْتَهَى) .
لِأَنَّ الشَّرْطَ قَبْضُ الْوَاهِبِ هِبَتَهَا، وَكَوْنُ الدَّارِ مَشْغُولَةً بِمَتَاعِ الْوَاهِبِ لَا يَمْنَعُ قَبْضَ الْوَاهِبِ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ وَهَبَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ دَارًا وَفِيهَا مَتَاعُ الْوَاهِبِ أَوْ تَصَدَّقَ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ بِدَارٍ وَفِيهَا مَتَاعُ الْأَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute