الْأُولَى: لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ كَمَا فِي الْأُصُولِ.
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْبَائِعِ مَلَكَ عَيْنَهُ؛ لِأَنَّهُ مُبَادَلَةُ مَالٍ بِمَالٍ فَيُفِيدُ الْمِلْكَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ. وَقِيلَ: إنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ لَا مِلْكَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً شِرَاءً فَاسِدًا لَا يَحِلُّ وَطْؤُهَا أَوْ طَعَامًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ أَوْ دَارًا لَا تَجُوزُ الشُّفْعَةُ فِيهَا. وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُفِيدُ مِلْكَ الْعَيْنِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إعْتَاقِهَا وَثُبُوتِ الشُّفْعَةِ بِهَا كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. وَإِنَّمَا لَمْ تَجْرِ التَّصَرُّفَاتُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّ فِي الِاشْتِغَالِ بِهَا إعْرَاضًا عَنْ الرَّدِّ. كَذَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ الْمَلَكِيِّ
[بَيْعِ الْهَازِلِ]
(٤٨) قَوْلُهُ: الْأُولَى لَا يَمْلِكُهُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ إلَخْ. إنَّمَا لَا يَمْلِكُ فِي بَيْعِ الْهَازِلِ بِالْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَبَدًا وَإِنْ اتَّصَلَ بِهِ الْقَبْضُ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا عَدَمُ اخْتِيَارِهِمَا الْحُكْمَ بِالْهَزْلِ وَالشَّرْطِ فَيَتَوَقَّفُ الْمِلْكُ عَلَى اخْتِيَارِهِمَا لَهُ بِرَفْعِ الْهَزْلِ وَالشَّرْطِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ يَثْبُتُ الْمِلْكُ بِهِ بِالْقَبْضِ لِوُجُودِ الرِّضَاءِ بِالْحُكْمِ فِيهِ دُونَ الْهَزْلِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ وَالْقُنْيَةِ: أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَهُوَ مُشْكِلٌ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْبَاطِلِ وَالْفَاسِدِ مِنْ أَنَّ الْبَاطِلَ هُوَ الَّذِي لَمْ يَكُنْ مُنْعَقِدًا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ، وَالْفَاسِدَ مَا كَانَ مُنْعَقِدًا لَا بِأَصْلِهِ وَلَا بِوَصْفِهِ، وَبَيْعُ الْهَازِلِ مُنْعَقِدٌ بِحَسَبِ أَصْلِهِ؛ - لِأَنَّ أَصْلَهُ مَالٌ بِمَالٍ، - غَيْرُ مُنْعَقِدٍ بِوَصْفِهِ؛ لِأَنَّ الْهَزْلَ بِمَنْزِلَةِ خِيَارِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَهُوَ شَرْطٌ فِيهِ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا فَيَكُونُ فَاسِدًا فَكَيْفَ يَكُونُ بَاطِلًا. وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ عَمَّا فِي الْقُنْيَةِ وَالْخَانِيَّةِ بِأَنَّ مُرَادَهُمَا بِالْبُطْلَانِ الْفَسَادُ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا لَوْ أَجَازَا إلَخْ جَازَ وَلَوْ كَانَ بَاطِلًا حَقِيقَةً لَمَا جَازَ، إذْ الْبَيْعُ الْبَاطِلُ لَا تَلْحَقُهُ الْإِجَازَةُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْخِيَارِ. وَأَجَابَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ بَاطِلًا أَنَّهُ يُشْبِهُ الْبَاطِلَ فِي حُكْمِهِ وَهُوَ عَدَمُ إفَادَةِ الْمِلْكِ، لَكِنْ يَلْزَمُ مِنْ هَذَا كَوْنُ الْفَاسِدِ عَلَى نَوْعَيْنِ: نَوْعٌ يُفِيدُ الْمِلْكَ بِالْقَبْضِ وَنَوْعٌ لَا يُفِيدُهُ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِفَسَادِ بَيْعِ الْهَازِلِ ابْنُ الْمَلِكِ فِي شَرْحِ الْمَنَارِ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْأُصُولِ، بَقِيَ أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَى كَوْنِهِ فَاسِدًا أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ مُدَّعِي الْجِدِّ لِكَوْنِهِ يَدَّعِي الصِّحَّةَ وَذَلِكَ يَدَّعِي الْفَسَادَ وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ، وَلَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً فَبَيِّنَةُ مُدَّعِي الْفَسَادِ أَوْلَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. وَفِي بَعْضِ كُتُبِ الْأُصُولِ: لَوْ اخْتَلَفَا فِي بِنَاءِ الْبَيْعِ عَلَى الْهَزْلِ وَعَدَمِهِ، الْقَوْلُ لِمَنْ يَدَّعِي الصِّحَّةَ عِنْدَ الْإِمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَلِمَنْ يَدَّعِي الْهَزْلَ عِنْدَهُمَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute