الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ ١ - وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ.
مِنْهَا فِي كِتَابِ الصُّلْحِ فِي مَسْأَلَةِ صُلْحِ الْإِمَامِ عَنْ الظُّلَّةِ الْمَبْنِيَّةِ فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ، وَصَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ فِي مَوَاضِعَ، وَصَرَّحُوا فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ ٢ -: أَنَّ السُّلْطَانَ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ عَنْ قَاتِلِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ، ٣ - وَإِنَّمَا لَهُ الْقِصَاصُ، وَالصُّلْحُ ٤ -، وَعَلَّلَهُ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا، وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ لِلْمُسْتَحِقِّ الْعَفْوُ، وَأَصْلُهَا مَا أَخْرَجَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (إنِّي أَنْزَلْتُ نَفْسِي مِنْ مَالِ اللَّهِ تَعَالَى بِمَنْزِلَةِ وَلِيِّ الْيَتِيمِ إنْ احْتَجْتُ أَخَذْتُ مِنْهُ فَإِذَا أَيْسَرْتُ رَدَدْتُهُ فَإِنْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةُ تَصَرُّفُ الْإِمَامِ عَلَى الرَّعِيَّةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ]
قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحُوا بِهِ فِي مَوَاضِعَ: أَيْ بِالْقَاعِدَةِ، وَذِكْرُ الضَّمِيرِ بِتَأْوِيلِهَا بِالْأَصْلِ.
(٢) قَوْلُهُ: إنَّ السُّلْطَانَ لَا يَصِحُّ عَفْوُهُ إلَخْ: لِأَنَّ الْحَقَّ لِلْعَامَّةِ، وَالْإِمَامَ نَائِبٌ عَنْهُمْ فِيمَا هُوَ أَنْظَرُ لَهُمْ، وَلَيْسَ مِنْ النَّظَرِ إسْقَاطُ حَقِّهِمْ مَجَّانًا.
(٣) قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَهُ الْقِصَاصُ، وَالصُّلْحُ: أَيْ الدِّيَةُ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
قَالَ شَيْخُنَا فِي حَوَاشِي الدُّرَرِ، وَالْغُرَرِ: وَهَلْ إذَا طَلَبَ الْإِمَامُ الدِّيَةَ يَنْقَلِبُ الْقِصَاصُ مَالًا كَمَا فِي الْوَلِيِّ.
(٤) قَوْلُهُ: وَعَلَّلَهُ فِي الْإِيضَاحِ بِأَنَّهُ نُصِّبَ نَاظِرًا.
أَيْ نُصِّبَ نَاظِرًا فِي أُمُورِ الْعَامَّةِ فِي الْمَصْلَحَةِ، وَلِهَذَا قَالُوا: لَا يَصِحُّ، وَقْفُ أَرَاضِي بَيْتِ الْمَالِ إلَّا لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ كَمَا فِي مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute