حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ: إلَّا أَنَّهُ
٢ - لَا يُؤْمَرُ بِالْعِبَادَاتِ،
٣ - وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
[أَحْكَامُ الذِّمِّيِّ]
قَوْلُهُ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ. يَعْنِي فِي غَيْرِ مَا يُوجِبُ تَعْظِيمَهُ فَلَا يَرِدُ أَنَّ ظَاهِرَهُ يُفِيدُ جَوَازَ اسْتِكْتَابِهِمْ وَإِدْخَالِهِمْ فِي الْمُبَاشَرَاتِ وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتْحِ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا سَبَّ الذِّمِّيَّ يُعَزَّرُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْقُنْيَةِ لَا يُقَالُ لَهُ يَا كَافِرُ، وَيَأْثَمُ الْقَائِلُ إنْ آذَاهُ وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ مِثْلُ الزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ وَالْمَزَامِيرِ وَالْغِنَاءِ وَاللَّهْوِ وَالْمِزَاحِ وَاللَّعِبِ بِالْحَمَامِ كَمَا يُمْنَعُ مِنْهُ الْمُسْلِمُ وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة، وَفِي السِّرَاجِيَّةِ لَا شَيْءَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ فَقِيرًا، وَفِي الْمُضْمَرَاتِ وَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ إخْرَاجِ الصُّلْبَانِ مِنْ الْكَنَائِسِ وَالدَّوَرَانِ بِهَا فِي الْمِصْرِ، وَلَا يَضْرِبُونَ النَّاقُوسَ خَارِجَ الْكَنِيسَةِ، وَلَوْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِقِرَاءَةِ الزَّبُورِ وَالْإِنْجِيلِ إنْ كَانَ يَقَعُ مِنْهُ إظْهَارُ الشِّرْكِ مُنِعُوا مِنْ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ يُمْنَعُوا مِنْ قِرَاءَةِ ذَلِكَ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَحَدُّ الْإِظْهَارِ أَنَّ الْمُسْلِمَ يَطَّلِعُ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَجَسُّسٍ هَكَذَا رَأَيْتُهُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا نَخْتَلِفُ مَعَهُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.
(٢) قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْمَرُ بِالْعِبَادَةِ. أَقُولُ لِعَدَمِ الْخِطَابِ بِأَدَائِهَا.
(٣) قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ مِنْهُ. أَقُولُ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى النِّيَّةِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ يَصِحُّ عِتْقُهُ (انْتَهَى) . أَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ عِتْقِهِ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي فَنِّ الْقَوَاعِدِ بِأَنَّ الْعِتْقَ عِنْدَنَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ وَضْعًا وَإِنْ كَانَ قُرْبَةً؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ مَا تُعُبِّدَ بِهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْمَعْبُودِ، وَالْقُرْبَةُ مَا تُقُرِّبَ بِهِ بِشَرْطِ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَرَّبِ إلَيْهِ وَهِيَ تُوجَدُ دُونَ الْعِبَادَةِ فِي الْقُرَبِ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَالْعِتْقِ وَالْوَقْفِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ مِنْ الْقُرُبَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute