الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ: مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ
١ - وَمِنْ فُرُوعِهَا، حِرْمَانُ الْقَاتِلِ مُوَرِّثَهُ مِنْ الْإِرْثِ. وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْأَدَاءِ فَأَخَّرَهُ لِيَدُومَ لَهُ النَّظَرُ إلَى سَيِّدَتِهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ مَنَعَ وَاجِبًا عَلَيْهِ
٢ - لِيَبْقَى مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ إذَا أَدَّاهُ، نَقَلَهُ عَنْ السُّبْكِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، وَقَالَ: إنَّهُ تَخْرِيجٌ حَسَنٌ لَا يَبْعُدُ مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ (انْتَهَى) .
ــ
[غمز عيون البصائر]
[الْقَاعِدَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ مَنْ اسْتَعْجَلَ الشَّيْءَ قَبْلَ أَوَانِهِ عُوقِبَ بِحِرْمَانِهِ]
قَوْلُهُ: وَمِنْ فُرُوعِهَا حِرْمَانُ الْقَاتِلِ مُوَرِّثَهُ إلَخْ. بِنَصْبِ مُوَرِّثَهُ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ لَا مِنْ الْفَاعِلِ، وَقَوْلُهُ عَلَى الْإِرْثِ مُتَعَلِّقٌ بِحِرْمَانِ، وَالْمَعْنَى إنْصَافُ مَنْ قَتَلَ مُوَرِّثَهُ بِالْحِرْمَانِ مِنْ إرْثِهِ، مِنْ فُرُوعِ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ أَطْلَقَ الْحِرْمَانَ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْقَتْلُ بِحَقٍّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْعَادِلُ مُوَرِّثَهُ الْبَغِيَّ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ قَتَلَهُ بِحَقٍّ، أَوْ فِي زَعْمِ الْقَاتِلِ وَلَوْ بِتَأْوِيلٍ فَاسِدٍ ضُمَّتْ إلَيْهِ الْمَنَعَةُ، كَمَا لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي مُوَرِّثَهُ الْعَادِلَ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ لِأَنَّهُ حَقٌّ فِي زَعْمِ الْبَاغِي، فَإِنَّ الْبُغَاةَ يَرَوْنَ إبَاحَةَ دَمِ كُلِّ مَنْ ارْتَكَبَ مَعْصِيَةً صَغِيرَةً كَانَتْ أَوْ كَبِيرَةً عَلَى مَا بُيِّنَ فِي بَابِ الْبُغَاةِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ فِي بَابِ الْبُغَاةِ: الْقَاتِلُ عَمْدًا بِغَيْرِ حَقٍّ لَا يَرِثُ إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ وَهِيَ مَا لَوْ قَتَلَ الْبَاغِي الْعَادِلَ وَقَالَ أَنَا عَلَى الْحَقِّ.
(٢) قَوْلُهُ: لِيَبْقَى مَا حَرُمَ عَلَيْهِ إذَا أَدَّاهُ إلَخْ. مُفَادُهُ أَنَّهُ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ نَظَرُهُ إلَى سَيِّدَتِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، لِأَنَّ مَذْهَبَنَا أَنَّ عَبْدَ الْمَرْأَةِ كَالْأَجْنَبِيِّ كَمَا فِي كَرَاهِيَةِ الْكَنْزِ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: إنَّ هَذَا الْفَرْعَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَلَا لِأَنَّ عَبْدَهَا كَالْأَجْنَبِيِّ وَبَيَانُهُ أَنَّهُ حِينَ قَدَرَ عَلَى الْأَدَاءِ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute