للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ: إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ، وَلِذَا اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا فِي الْأُصُولِ عَلَى أَنَّ الْحَقِيقَةَ إذَا كَانَتْ مُتَعَذِّرَةً فَإِنَّهُ يُصَارُ إلَى الْمَجَازِ ١ - فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ هَذَا الدَّقِيقِ حَنِثَ فِي الْأَوَّلِ بِأَكْلِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا ٢ - وَبِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا، وَاشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا، وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَّخِذُ مِنْهُ كَالْخُبْزِ، وَلَوْ أَكَلَ عَيْنَ الشَّجَرَةِ، وَالدَّقِيقِ لَمْ يَحْنَثْ عَلَى الصَّحِيحِ

٣ -. وَالْمَهْجُورُ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا كَالْمُتَعَذِّرِ، وَإِنْ تَعَذَّرَتْ الْحَقِيقَةُ، وَالْمَجَازُ أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بِلَا مُرَجِّحٍ

ــ

[غمز عيون البصائر]

[الْقَاعِدَةُ التَّاسِعَةُ إعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ]

قَوْلُهُ: فَلَوْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ النَّخْلَةِ إلَخْ: الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فِي الْمِثَالَيْنِ عَدَمُ الْأَكْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَذِّرٍ، بَلْ الْمُتَعَذِّرُ الْأَكْلُ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا دَخَلَتْ فِي النَّفْيِ كَانَتْ لِلْمَنْعِ فَمُوجِبُ الْيَمِينِ أَنْ يَصِيرَ مَمْنُوعًا بِالْيَمِينِ، وَمَا لَا يَكُونُ مَأْكُولًا لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا بِالْيَمِينِ.

(٢) قَوْلُهُ: وَبِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا، وَاشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا.

لَا يَخْفَى مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الرَّكَاكَةِ، وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ: وَيَأْكُلُ مَا اشْتَرَاهُ بِثَمَنِهَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ لَهَا ثَمَرَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الْمَلَكِ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا ثَمَرَةٌ حَنِثَ بِثَمَنِهَا إنْ بَاعَهَا، وَاشْتَرَى بِهِ مَأْكُولًا، وَأَكَلَهُ

(٣) قَوْلُهُ: وَالْمَهْجُورُ شَرْعًا أَوْ عُرْفًا كَالْمُتَعَذِّرِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُتَعَذِّرَ مَا لَا يُتَّصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَمِثَالُهُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْمَهْجُورُ مَا تَيَسَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ، وَلَكِنَّ النَّاسَ تَرَكُوهُ كَوَضْعِ الْقَدَمِ، وَمِثَالُ الْمَهْجُورِ شَرْعًا مَا لَوْ، وَكَّلَهُ بِالْخُصُومَةِ فَإِنَّهُ يَنْصَرِفُ إلَى الْجَوَابِ مَجَازًا فَيَتَنَاوَلُ الْإِنْكَارَ، وَالْإِقْرَارَ بِإِطْلَاقِهِ بِاعْتِبَارِ عُمُومِ الْمَجَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>