للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ، وَبَيَانُ أَنَّ السَّاقِطَ لَا يَعُودُ: ١ - لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ؛ إذْ الْمِلْكُ لَا يَبْطُلُ بِالتَّرْكِ، وَالْحَقُّ يَبْطُلُ بِهِ حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْغَانِمِينَ قَالَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ: تَرَكْت حَقِّي بَطَلَ حَقُّهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ: تَرَكْت حَقِّي فِي حَبْسِ الرَّهْنِ بَطَلَ،

٢ - كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لِلْعِمَادِيِّ، وَفُصُولِ الْعِمَادِيِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَسْقُطُ بِالْإِسْقَاطِ، وَهُوَ أَيْضًا ظَاهِرُ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ

ــ

[غمز عيون البصائر]

[مَا يَقْبَلُ الْإِسْقَاطَ مِنْ الْحُقُوقِ وَمَا لَا يَقْبَلُهُ]

قَوْلُهُ: لَوْ قَالَ الْوَارِثُ: تَرَكْتُ حَقِّي إلَخْ. اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ الْمِلْكِ أَوْ حَقِّ الْمِلْكِ ضَابِطُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ مِلْكًا لَازِمًا لَمْ يَبْطُلْ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ مَاتَ عَنْ ابْنَيْنِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: تَرَكْت نَصِيبِي مِنْ الْمِيرَاثِ لَمْ يَبْطُلْ لِأَنَّهُ لَازِمٌ لَا يُتْرَكُ بِالتَّرْكِ بَلْ إنْ كَانَ عَيْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمْلِيكِ وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِبْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ بَلْ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ صَحَّ كَإِعْرَاضِ الْغَانِمِ عَنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَذَا فِي قَوَاعِدِ الزَّرْكَشِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَلَا يُخَالِفُنَا إلَّا فِي الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَمْلِيكُهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ.

(٢) قَوْلُهُ: كَذَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. يَعْنِي فِي الثَّامِنِ وَالثَّلَاثِينَ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بَرِئْت مِنْ تَرِكَةِ أَبِي؛ يَبْرَأُ الْغُرَمَاءُ عَنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ حَقِّهِ لِأَنَّ هَذَا إبْرَاءٌ عَنْ الْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ حَقِّهِ فَيَصِحُّ وَلَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَيْنًا لَمْ يَصِحَّ. وَلَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمْ شَيْئًا مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ وَبَرِئَ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِيهَا دُيُونٌ عَلَى النَّاسِ لَوْ أَرَادَ الْبَرَاءَةَ مِنْ حِصَّةِ الدَّيْنِ صَحَّ لَا لَوْ أَرَادَ تَمْلِيكَ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ لِتَمْلِيكِ الدَّيْنِ مِمَّنْ لَيْسَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ قَوْلِهِ: لَوْ قَالَ وَارِثٌ تَرَكْت حَقِّي إلَى آخِرِ كَلَامِهِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ إبْرَاءَ الْوَارِثِ مِنْ إرْثِهِ فِي الْأَعْيَانِ لَا يَصِحُّ وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْأَعْيَانِ لَا تَصِحُّ وَمِنْ دَعْوَى الْأَعْيَانِ تَصِحُّ وَهُوَ يَرُدُّ قَوْلَ خُوَاهَرْ زَادَهْ إنْ أُرِيدَ بِالْحَقِّ فِي كَلَامِهِ مَا يَعُمُّ الْعَيْنَ وَالدَّيْنَ فَتَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>