للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ

٣٦ - وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ ٣٧ - عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ؛

ــ

[غمز عيون البصائر]

يَعْلَمُ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْوَارِثَ يَقْضِي دَيْنًا مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا الْوَارِثَ نَسِيَ أَيْضًا حَتَّى مَاتَ لَا يُؤَاخَذُ الْوَارِثُ بِذَلِكَ فِي دَارِ الْآخِرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ لَمْ يُبَاشِرْ سَبَبَ الدَّيْنِ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَمْ يَكُنْ ظَالِمًا، وَالنِّسْيَانُ لَمْ يَكُنْ مِنْهُ (انْتَهَى) .

فَلَعَلَّ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْخَانِيَّةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا فَلْيُرَاجَعْ

[عَلِمَ الْوَصِيُّ بِأَنَّ الْمُوصِيَ أَوْصَى بِوَصَايَا لَكِنَّهُ نَسِيَ مِقْدَارَهَا]

(٣٥) قَوْلُهُ: وَحُكْمُهُ فِي وَصَايَا خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.

أَقُولُ: قَالَ فِيهَا يَسْتَأْذِنُهُمْ بِأَنْ يُعْطِيَهُمْ كَيْفَ شَاءَ فَإِذَا أَذِنُوا لَهُ جَازَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ كَيْفَ شَاءَ (انْتَهَى) .

قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهَذَا ظَاهِرٌ حَسَنٌ لَوْ أَذِنُوا لَهُ

[حَقِيقَة الْجَهْل وَأَقْسَامه]

(٣٦) قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْجَهْلُ فَحَقِيقَتُهُ إلَخْ. قِيلَ اعْتِقَادُ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ يُسْتَلْزَمُ كَوْنُ الْمَعْدُومِ شَيْئًا إذْ الْجَهْلُ يَتَحَقَّقُ بِالْمَعْدُومِ كَمَا يَتَحَقَّقُ بِالْمَوْجُودِ أَوْ كَوْنُ الْمَعْدُومِ غَيْرَ دَاخِلٍ فِي الْحَدِّ، وَكَلَامُهُمَا فَاسِدٌ كَذَا فِي الْكَشْفِ الصَّغِيرِ. أَقُولُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْمَعْدُومَ لَيْسَ بِشَيْءٍ أَمَّا عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ فَلَا. وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْقَائِلَ بِهَذَا التَّعْرِيفِ مُعْتَزِلِيٌّ وَحِينَئِذٍ لَا يَتَوَجَّهُ الِاعْتِرَاضُ. (٣٧) قَوْلُهُ: عَدَمُ الْعِلْمِ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ الْعِلْمُ. أَيْ أَنْ يَعْلَمَ؛ فَعَلَى هَذَا لَا يُقَالُ لِلْحَجَرِ وَالْحَائِطِ جَاهِلٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَيْسَ شَأْنَهُمَا فَيَكُونُ التَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلَ الْعَدَمِ وَالْمَلَكَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ قَيْدٌ عَمَّا مِنْ شَأْنِهِ يَكُونُ الْحَجَرُ وَالْحَائِطُ جَاهِلَيْنِ فَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ، وَقِيلَ: إنَّهُ صِفَةُ تَضَادِّ الْعِلْمِ فِي مَحَلٍّ قَابِلٍ لَهُ فَهُوَ وُجُودِيٌّ وَالتَّقَابُلُ بَيْنَهُمَا تَقَابُلُ التَّضَادِّ، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنَى نَظَرِيٌّ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَيُمْكِنُ إزَالَتُهُ بِالتَّعَلُّمِ وَإِنَّمَا الْعَيْبُ فِي التَّقْصِيرِ فِي إزَالَتِهِ قَالَ الْمُتَنَبِّي:

وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا ... كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ

وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَاجْهَدْ بِنَفْسِك وَاسْتَكْمِلْ فَضَائِلَهَا ... فَأَنْتَ بِالنَّفْسِ لَا بِالْجِسْمِ إنْسَانُ

<<  <  ج: ص:  >  >>