وَفِي السِّيَرِ الْكَبِيرِ قَالَ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ: مَنْ دَلَّنَا عَلَى مَوْضِعِ كَذَا فَلَهُ كَذَا يَصِحُّ.
وَيَتَعَيَّنُ الْأَجْرُ بِالدَّلَالَةِ فَيَجِبُ الْأَجْرُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الْمُسَمَّى. ٧٠ -
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ إذْ لَا عَقْدَ إجَارَةٍ هُنَا.
وَلِهَذَا مُخَصِّصٌ لِمَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِكَوْنِهِ ٧١ - بَيَّنَ الْمَوْضِعَ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
وَالظَّاهِرُ وُجُوبُ أَجْرِ الْمِثْلِ.
قِيلَ عَلَيْهِ: مَعْنَى كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ يَتَعَيَّنُ هَذَا الشَّخْصُ وَالْعَقْدُ بِحُضُورِ الشَّخْصِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ الْأَمِيرِ بِمَا ذَكَرَ فَيَجِبُ الْمُسَمَّى لِتَحَقُّقِ الْعَقْدِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ بِفِعْلٍ مَعْلُومٍ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ فَدَلَّهُ شَخْصٌ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ أَصْلًا.
صَرَّحَ بِهِ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
فَعُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَجْرِ الْمِثْلِ لَا يُوَافِقُ الْمَعْقُولَ وَالْمَنْقُولَ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَرَضَ بِمِثْلِ هَذَا فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ فِي كِتَابِ اللُّقَطَةِ (انْتَهَى) .
وَرَدَّهُ الشَّارِحُ الْجَدِيدُ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ لِأَنَّ وُجُوبَ أَجْرِ الْمِثْلِ مُعَلَّلٌ بِأَنَّ ذَلِكَ عَمَلٌ يُسْتَحَقُّ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ بِقَدْرٍ فَيَجِبُ أَجْرُ الْمِثْلِ فَإِنْ دَلَّهُ مِنْ غَيْرِ مَشْيٍ فَهُوَ بَاطِلٌ كَالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَالْعِلَّةُ مَا ذَكَرَ لَا مُجَرَّدُ حُضُورِ الشَّخْصِ وَقَبُولِهِ خِطَابَ الْأَمِيرِ، وَعِبَارَةُ الْخِزَانَةِ: رَجُلٌ أَضَلَّ شَيْئًا فَقَالَ مَنْ دَلَّنِي عَلَيْهِ فَلَهُ كَذَا فَدَلَّهُ إنْسَانٌ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا أَمَّا لَوْ قَالَ لِإِنْسَانٍ بِعَيْنِهِ إنْ دَلَلْتَنِي عَلَيْهِ فَلَكَ كَذَا صَحَّ وَلَهُ أَجْرُ الْمِثْلِ أَمَّا لَوْ دَلَّهُ بِالْكَلَامِ فَلَا شَيْءَ لَهُ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَهَذَا النَّقْلُ يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (٧١) قَوْلُهُ:
بَيَّنَ الْمَوْضِعَ.
قِيلَ عَلَيْهِ: إذَا انْعَدَمَ الصِّحَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّلَالَةِ عَلَى الْعُمُومِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمَوْضِعِ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ: مَنْ دَلَّنِي عَلَى كَذَا يَعُمُّ الْمَوْضِعَ وَغَيْرَهُ إذْ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ فِي نَفْسِهِ مَوْضِعًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ؛ وَلَعَلَّ الْأَوْلَى تَعْلِيلُ الصِّحَّةِ فِي مَسْأَلَةِ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ بِخُصُوصِهَا بِالْحَاجَةِ إلَى إعَانَةِ الدَّالِّ عَلَى هَذِهِ الْمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ اسْتِحْسَانًا وَإِنْ كَانَ الْقِيَاسُ خِلَافَهُ