أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي ٨٣ - وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ ٨٤ - وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَعَهُ ٨٥ - فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ:
أَجِيرُ الْقَصَّارِ أَمِينٌ لَا يَضْمَنُ إلَّا بِالتَّعَدِّي.
يَعْنِي إذَا. سَلَّمَ الرَّجُلُ ثَوْبًا إلَى الْقَصَّارِ بِأَجْرٍ مُسَمًّى فَدَفَعَهُ إلَى أَجِيرِهِ فَدَقَّهُ فَتَخَرَّقَ فَالضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ دُونَ الْأَجِيرِ لِأَنَّ أَجِيرَ الْقَصَّارِ أَجِيرٌ وَاحِدٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْأَجْرَ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ فِي الْمُدَّةِ وَأَجِيرُ الْوَاحِدِ لَا يَضْمَنُ مَا جَنَتْ يَدُهُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ وَإِنَّمَا كَانَ الضَّمَانُ عَلَى الْقَصَّارِ لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ مَنْقُولٌ إلَيْهِ لِأَنَّهُ عَمِلَ بِإِذْنِهِ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ. (٨٣) قَوْلُهُ:
وَالْقَصَّارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمُشْتَرَكِ. أَيْ عَلَى الِاخْتِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ فِي زَمَانِ الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ وَعَدَمِهِ فَعِنْدَ الْإِمَامِ لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ إذَا هَلَكَتْ فِي يَدِهِ؛ وَقَالَا يَضْمَنُ إلَّا بِشَيْءٍ غَالِبٍ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ وَالْعَدُوِّ الْمُكَابِرِ لِأَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْعَمَلُ بِدُونِهِ فَإِذَا هَلَكَ بِمَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْغَصْبِ وَالسَّرِقَةِ كَانَ التَّقْصِيرُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَضْمَنُ كَالْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ بِأَجْرٍ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ عَنْهُ كَالْحَرِيقِ الْغَالِبِ.
وَلِلْإِمَامِ أَنَّ الْعَيْنَ فِي يَدِهِ أَمَانَةٌ لِأَنَّ الْقَبْضَ حَصَلَ بِالْإِذْنِ وَالْحِفْظُ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ تَبَعًا لَا مَقْصُودًا وَلِهَذَا لَا يَقْبَلُهُ شَيْءٌ مِنْ الْأَجْرِ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ بِالْأَجْرِ لِأَنَّ الْحِفْظَ مُسْتَحَقٌّ فِيهَا مَقْصُودًا بِالْأَجْرِ.
كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ فِيمَا تَلِفَ بِفِعْلِهِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ كَمَا إذَا تَخَرَّقَ الثَّوْبُ مِنْ دَقِّ الْقَصَّارِ. (٨٤) قَوْلُهُ:
وَمَحَلُّهُ عِنْدَ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ عَلَيْهِ.
أَقُولُ هَذَا قَوْلٌ وَالرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِاشْتِرَاطِ الضَّمَانِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْأَجِيرِ الْمُشْتَرَكِ فِيمَا تَلِفَ إلَّا بِصُنْعِهِ فِي قَوْلِ الْإِمَامِ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ. (٨٥) قَوْلُهُ:
فَيَضْمَنُ اتِّفَاقًا.
قَالَ الْمُقْرِي: مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ وَالرَّاجِحُ الْمُفْتَى بِهِ عَدَمُ الضَّمَانِ مُرَادُهُ بِالِاتِّفَاقِ الِاتِّفَاقُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ وَإِلَّا فَفِي فُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ وَغَيْرِهِ فِي الثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا الْكَلَامِ: وَقَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ الشَّرْطُ وَغَيْرُ الشَّرْطِ سَوَاءٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الضَّمَانِ عَلَى الْأَمِينِ بَاطِلٌ وَبِهِ نَأْخُذُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute