وَالْمُودِعُ ١٩ - وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ، وَهِيَ فِي الْفُصُولِ إلَّا الْأَخِيرَةَ فَهِيَ فِي الْمَبْسُوطِ.
الْوَدِيعَةُ لَا تُودَعُ وَلَا تُعَارُ وَلَا تُؤَجَّرُ وَلَا تُرْهَنُ. ٢٠ -
وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ وَلَا يُرْهَنُ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَالْمُودَعُ. يَعْنِي تَبْرَأُ بِالْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْحِفْظِ فِي كُلِّ الْأَوْقَاتِ فَإِذَا خَالَفَ فِي الْبَعْضِ ثُمَّ رَجَعَ عَادَ إلَى الْحِفْظِ فَصَارَ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ لِلْحِفْظِ شَهْرًا فَتَرَكَ الْحِفْظَ فِي بَعْضِهِ ثُمَّ حَفِظَ فِي الْبَاقِي اسْتَحَقَّ الْأَجْرَ بِقَدْرِهِ.
وَإِطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَعْزِمَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى التَّعَدِّي حَتَّى لَوْ نَزَعَ ثَوْبَ الْوَدِيعَةِ لَيْلًا وَمِنْ عَزْمِهِ أَنْ يَلْبَسَهُ نَهَارًا ثُمَّ سُرِقَ لَيْلًا لَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ.
وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ دَعْوَاهُ الْعَوْدَ هَلْ يَكْتَفِي بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ الْعَوْدَ وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْ صَاحِبُ الْوَدِيعَةِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْعِمَادِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: وَلَوْ أَقَرَّ الْمُودَعُ أَنَّهُ اسْتَعْمَلَهَا ثُمَّ رَدَّهَا إلَى مَكَانِهَا فَهَلَكَتْ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا خَالَفَ فِي الْوَدِيعَةِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ إنَّمَا يَبْرَأُ عَنْ الضَّمَانِ إذَا صَدَّقَهُ الْمَالِكُ فِي الْعَوْدِ فَإِنْ كَذَّبَهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْوِفَاقِ وَرَأَيْتُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى الْمُودَعُ إذَا خَالَفَ ثُمَّ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ فَكَذَّبَهُ الْمُودِعُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ كَمَا فِي الرَّهْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا جَحَدَ الْوَدِيعَةَ أَوْ مَنَعَهَا ثُمَّ اعْتَرَفَ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالرَّدِّ إلَى الْمَالِكِ. (١٩) قَوْلُهُ: وَمُسْتَعِيرُ الرَّهْنِ.
أَقُولُ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ أَوْ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَاسْتَخْدَمَ الْعَبْدَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ قَبْلَ أَنْ يَرْهَنَهَا ثُمَّ رَهَنَهَا بِمَالِ بِمِثْلِ الْقِيمَةِ ثُمَّ قُضِيَ الْمَالُ وَلَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى هَلَكَتْ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاهِنِ لِأَنَّهُ قَدْ بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ حِينَ رَهَنَهَا فَإِذَا كَانَ أَمِينًا خَالَفَ فَقَدْ عَادَ إلَى الْوِفَاقِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَعِيرَ الرَّهْنِ كَالْمُودَعِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهَا إلَى الْمُرْتَهِنِ يَرْجِعُ إلَى تَحْقِيقِ مَقْصُودِ الْمُعِيرِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ بَعْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ دَيْنُهُ مَقْضِيًّا فَيَسْتَوْجِبُ الْمُعِيرُ الرُّجُوعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِمِثْلِهِ فَكَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِ حُكْمًا فَلِهَذَا بَرِئَ عَنْ الضَّمَانِ، كَذَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَى الْمَبْسُوطِ.
(٢٠) قَوْلُهُ: وَالْمُسْتَأْجَرُ يُؤَجَّرُ وَيُعَارُ إلَخْ. أَطْلَقَهُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا لَا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِي الِانْتِفَاعِ بِهِ.
قَالَ الْبَزَّازِيُّ: إعَارَةُ الْمُسْتَأْجَرِ تَجُوزُ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ اسْتَأْجَرَهَا لِيَرْكَبَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute