وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ وَقَعَ وَلَا يَلْزَمُهَا
٢٥ - وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
إنْ شِئْتَ فَأَتِمَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا، فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِهِ وَالْتَزَمَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَبَى فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا فَعَلَيْهِ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا، وَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ كَانَ لِلنُّقْصَانِ عَنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَقَدْ انْعَدَمَ حِينَ قَضَى لَهَا بِمَهْرِ مِثْلِهَا بِالدُّخُولِ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَظْهَرُ مَا فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْقُصُورِ.
(٢٤) قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ إلَخْ.
الْمَسْأَلَةُ فِي الْمَبْسُوطِ قَالَ: وَإِذَا بَلَغَتْ الْمَرْأَةَ مَفْسَدَةٌ فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمَالِ جَازَ الْخُلْعُ؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ يَعْتَمِدُ وُجُودَ الْقَبُولِ، وَقَدْ تَحَقَّقَ الْقَبُولُ مِنْهَا، فَكَأَنَّ الزَّوْجَ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِقَبُولِهَا الْجُعْلَ فَإِذَا قَبِلَتْ وَقَعَ الطَّلَاقُ لِوُجُودِ الشَّرْطِ وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَإِنْ صَارَتْ مَصْلَحَةً؛ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ لَا بِعِوَضٍ هُوَ مَالٌ، وَالْمَنْفَعَةُ ظَاهِرَةٌ لَهَا فِي ذَلِكَ فَكَانَ النَّظَرُ أَنْ تُجْعَلَ كَالصَّغِيرَةِ فِي هَذَا الْحُكْمِ لَا كَالْمَرِيضَةِ فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ يَمْلِكُ رَجْعَتَهَا؛ لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِاللَّفْظِ الصَّرِيحِ لَا الْبَيْنُونَةِ إلَّا عِنْدَ وُجُوبِ الْبَدَلِ، وَلَا يَجِبُ الْبَدَلُ هُنَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى لَفْظِ الْخُلْعِ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ الْإِطْلَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفِيهِ بِلَا حَجْرٍ وَيُشْكِلُ عَلَى صِحَّةِ تَصَرُّفَاتِ السَّفِيهَةِ عِنْدَ الْإِمَامِ عِنْدَ لُزُومِ الْمَالِ لِلْمُخْتَلِعَةِ فَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْمَحْجُورَةُ عَلَى قَوْلِهِمَا كَانَ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ وَالطَّلَاقَ وَالْخُلْعَ نَافِذٌ عِنْدَهُمَا وَعَدَمُ لُزُومِ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ لِكَوْنِ السَّفِيهَةِ الْمَحْجُورَةِ كَالصَّبِيِّ فِي الْأَحْكَامِ إلَّا مَا اسْتَثْنَى
(٢٥) قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ إقْرَارُ السَّفِيهِ.
أَقُولُ يَعْنِي بِالْمَالِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَكَمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِالسَّفَهِ أَوْ لَا، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ الَّذِي يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي أَمَّا عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ فَلَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَلِأَنَّهُ لَا يَصِيرُ السَّفِيهُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالسَّفَهِ عِنْدَهُ مَا لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ الْقَاضِي.
وَفِي مُقْطَعَاتِ الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ مِنْ كِتَابِ الْحَجْرِ: وَلَوْ أَقَرَّ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَخَذَ مَالًا لِرَجُلٍ غَيْرِهِ أَمَرَهُ وَاسْتَهْلَكَهُ لَمْ يُصَدَّقْ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ صَلُحَ سُئِلَ عَمَّا كَانَ أَقَرَّ بِهِ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ حَقًّا أُخِذَ بِهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَقًّا لَا يُؤْخَذُ بِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute