بُدَّ مِنْ إطْلَاقِ الْقَاضِي خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِيهِمَا.
وَلَا تُشْتَرَطُ حَضْرَتُهُ لِصِحَّةِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَوَقَعَتْ حَادِثَةٌ: حَجَرَ الْقَاضِي عَلَى سَفِيهٍ ثُمَّ ادَّعَى الرُّشْدَ، وَادَّعَى خَصْمُهُ بَقَاءَهُ عَلَى السَّفَهِ وَبَرْهَنَا، فَلَمْ أَرَ فِيهَا نَقْلًا صَرِيحًا.
٣٠ - وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ لِمَا فِي الْمُحِيطِ.
مِنْ الْحَجْرِ: الظَّاهِرُ زَوَالُ السَّفَهِ؛ لِأَنَّ عَقْلَهُ يَمْنَعُهُ ٣١ - عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ لَا يَنْحَجِرُ إلَّا بِحَجْرِ الْقَاضِي، وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَغَيْرُهُ فِي بَابِ التَّحَالُفِ: إذَا اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فِي الْمَهْرِ قَضَى لِمَنْ بَرْهَنَ؛ فَإِنْ بَرْهَنَا فَمَنْ شَهِدَ لَهُ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهَا لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ بَيِّنَةٍ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ لَمْ تُقْبَلْ.
٣٢ - وَهُنَا بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ فَلَمْ تُقْبَلْ.
الْمَأْذُونُ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ يَتَعَلَّقُ بِكَسْبِهِ وَرَقَبَتِهِ
ــ
[غمز عيون البصائر]
قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْبَقَاءِ عَلَى السَّفَهِ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ حُكْمَ الشَّرْعِ يَتَوَجَّهُ الْخِطَابُ إلَيْهِ، فَالظَّاهِرُ زَوَالُ مَا يَقْتَضِي الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ حَكَمَ الْقَاضِي بِحَجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ وُجُودِ الْبُلُوغِ صَارَ الظَّاهِرُ بَقَاءَ الْحَجْرِ وَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الْحَجْرِ مِنْ الْقَاضِي مَا يَقْتَضِي خِلَافَهُ فَالظَّاهِرُ بَقَاؤُهُ (انْتَهَى) .
وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَنْبَغِي تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ خِلَافَ الْأَصْلِ وَخِلَافَ الظَّاهِرِ إذْ الظَّاهِرُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ فَكَانَتْ أَكْثَرَ إثْبَاتًا، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ إثْبَاتًا أَوْلَى بِالْقَبُولِ.
(٣١) قَوْلُهُ: عِنْدَ ذِكْرِهِ إلَخْ.
مُتَعَلِّقٌ بِمُتَعَلِّقِ قَوْلِهِ فِي الْمُحِيطِ، أَيْ لِمَا ذُكِرَ فِي الْمُحِيطِ عِنْدَ ذِكْرِهِ فِي دَلِيلِ أَبِي يُوسُفَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّ السَّفَهَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: دَلِيلِ.
(٣٢) قَوْلُهُ: بَيِّنَةُ زَوَالِ السَّفَهِ شَهِدَ لَهَا الظَّاهِرُ إلَخْ.
وَهُوَ كَوْنُ الْعَقْلِ يَمْنَعُهُ مِنْ السَّفَهِ.