تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ
ــ
[غمز عيون البصائر]
إحْضَارِهِ.
بَلْ يَكْسِرُ سَبْتَهُ وَيَحْضُرُ إلَى الشَّرْعِ وَهِيَ تَقَعُ كَثِيرًا (انْتَهَى) .
أَقُولُ: تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِالْيَهُودِيِّ الظَّاهِرُ: أَنَّهُ اتِّفَاقِيٌّ، وَعَلَيْهِ فَلَيْسَ الْأَحَدُ عُذْرًا فِي حَقِّ النَّصَارَى، وَإِنْ كَانَ النَّصَارَى يَدِينُونَ تَرْكَ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْأَحَدِ بِالشُّفْعَةِ فَلَمْ يُطْلَبْ شُفْعَتُهُ، وَنُكْتَةُ تَخْصِيصِ الْيَهُودِيِّ بِالذِّكْرِ أَنَّ الْيَهُودَ نُهُوا عَنْ الْأَعْمَالِ يَوْمَ السَّبْتِ وَلَمْ تُنْهَ النَّصَارَى عَنْ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْأَحَدِ لَكِنَّ هَذَا النَّهْيَ نُسِخَ فِي شَرْعِنَا.
(٢٧) قَوْلُهُ: تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا بِالشَّرْطِ جَائِزٌ.
قَالَ فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي: حَتَّى لَوْ قَالَ سَلَّمْت إلَيْك الشُّفْعَةَ إنْ كُنْتَ اشْتَرَيْته لِنَفْسِك فَإِذَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ مَحْضٌ (انْتَهَى) .
وَفِي الْخَانِيَّةِ: قَالَ الشَّفِيعُ إنْ لَمْ أَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الشُّفْعَةِ، وَلَمْ يَجِئْ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَكَرَ ابْنُ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ إسْقَاطٌ مَحْضٌ يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: لَا تَبْطُلُ شُفْعَتُهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَتَى تَثْبُتْ بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ تَأَكَّدَتْ وَلَا تَبْطُلُ مَا لَمْ يُسَلِّمْ بِلِسَانِهِ انْتَهَى وَهُوَ مُعَارِضٌ لِمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي؛ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: لَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي وَالْخَانِيَّةِ لِجَوَازِ حَمْلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى إبْطَالِهَا بَعْدَ ثُبُوتِهَا وَتَقْرِيرِهَا بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ وَحَمْلِ مَا فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى إبْطَالِهَا قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَتَقْرِيرِهَا بِالطَّلَبَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْخَانِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَتَى ثَبَتَتْ إلَخْ.
فَقَوْلُ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ صِحَّةِ تَعْلِيقِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ بِالشَّرْطِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ أَوْ بَعْدَهُمَا مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ الْخَانِيَّةِ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْخَانِيَّةِ يُفِيدُ أَنَّهُ قَبْلَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ وَالْإِشْهَادِ يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهَا وَالْمَفْهُومُ مُعْتَبَرٌ فِي عِبَارَةِ الْكُتُبِ كَمَا فِي أَنْفَعِ الْوَسَائِلِ فِي بَحْثِ الِاسْتِبْدَالِ حَيْثُ قَالَ: إنَّ مَفْهُومَ التَّصَانِيفِ حُجَّةٌ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يَرِدُ عَلَى كَوْنِ تَسْلِيمِ الشُّفْعَةِ إسْقَاطًا مَحْضًا مَسْأَلَةٌ، وَهِيَ مَا ذَكَرَهَا السَّرَخْسِيُّ فِي بَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْجِنَايَاتِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمَبْسُوطِ: أَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ إبْطَالِهِ بِالشَّرْطِ فَلَا يَحْتَمِلُ الْإِضَافَةَ إلَى الْوَقْتِ، وَإِنْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا؛ وَلِهَذَا لَا يَرْتَدُّ بِرَدِّ مَنْ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ فَأَسْقَطَ لَا تُبْطِلُ حَقَّهُ فِي الشُّفْعَةِ؛ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ تَسْلِيمَ الشُّفْعَةِ لَيْسَ بِإِسْقَاطٍ مَحْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ إسْقَاطًا مَحْضًا يَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ اعْتِبَارًا بِعَامَّةِ الْإِسْقَاطَاتِ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي إكْرَاهِ الْمَبْسُوطِ (انْتَهَى) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute