للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ

٣٤ - لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ وَشُفْعَةٌ فِيهَا؛ يَقُولُ: هَذِهِ الدَّارُ دَارِي، وَأَنَا أَدَّعِيهَا فَإِنْ وَصَلَتْ إلَيَّ، وَإِلَّا فَأَنَا عَلَى شُفْعَتِي فِيهَا

ــ

[غمز عيون البصائر]

الثَّمَنِ مَا وَهَبَ لَهُ الْبَائِعُ؛ لِأَنَّ هِبَةَ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ حَطٌّ، وَالْحَطُّ يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ فَكَانَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرَ مَا حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ أَمَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ هِبَةً، الْقَبْضُ لَيْسَ بِحَطٍّ بَلْ هُوَ تَمْلِيكٌ مُبْتَدَأٌ فَكَأَنَّهُ وَهَبَ لَهُ مَالًا آخَرَ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِيجَازِ الْبَالِغِ حَدَّ الْإِلْغَازِ بَقِيَ أَنْ يُقَالَ: يُفْهَمُ مِنْ التَّقْيِيدِ بِهِبَةِ الْبَعْضِ أَنَّ هِبَةَ كُلِّ الثَّمَنِ لَا تَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ مُطْلَقًا، وَإِذَا لَمْ تَظْهَرْ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ فَهَلْ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ بِالْقِيمَةِ.

لَمْ أَرَ فِي ذَلِكَ نَقْلًا صَرِيحًا.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ نَقْلًا عَنْ الْجَامِعِ الْأَصْغَرِ.

إذَا اشْتَرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ دَارًا ثُمَّ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَبَضَ الثَّمَنَ كُلَّهُ ثُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ (انْتَهَى) .

فَعَلَى قِيَاسِ هَذَا يُقَالُ: إنْ وَهَبَ كُلَّ الثَّمَنِ قَبْلَ الْقَبْضِ يَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِالْقِيمَةِ، وَلَا يَأْخُذْ بِالثَّمَنِ

(٣٣) قَوْلُهُ: حَطُّ الْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ لَا يَلْتَحِقُ إلَخْ.

الْمَسْأَلَةُ فِي الْخَانِيَّةِ وَعِبَارَتُهَا: الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا بَاعَ الدَّارَ بِأَلْفٍ ثُمَّ إنَّ الْوَكِيلَ حَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي مِائَةً مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ حَطُّهُ وَيَضْمَنُ قَدْرَ الْمَحْطُوطِ لِلْأَمْرِ وَيَبْرَأُ الْمُشْتَرِي عَنْ الْمِائَةِ وَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ الدَّارَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ حَطَّ الْكُلِّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ حَطُّ الْوَكِيلِ بَعْضَ الثَّمَنِ إذْ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ أَمَّا حَطُّ الْكُلِّ فَلَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْحَالُ قَالَ فِي الْمَجْمَعِ وَشَرْحِهِ لِابْنِ الْمَلِكِ: وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ عَنْ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَسْقُطُ، بَلْ عَلَى الشَّفِيعِ الثَّمَنُ الْمُسَمَّى، وَهَذَا الْخِلَافُ فَرْعُ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْحَطَّ لَا يَلْتَحِقُ بِأَصْلِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ بَلْ هُوَ هِبَةٌ لِلْمُشْتَرِي.

وَعِنْدَنَا يَلْتَحِقُ، وَلَوْ حَطَّ الْبَائِعُ كُلَّ الثَّمَنِ لَمْ يَسْقُطْ وَلَا يَلْتَحِقُ ذَلِكَ بِأَصْلِ الْعَقْدِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ الْتَحَقَ صَارَ بَيْعًا بِلَا ثَمَنٍ (انْتَهَى) .

وَلَا يُشْكِلُ عَدَمُ الْتِحَاقِ حَطِّ الْوَكِيلِ عَلَى صِحَّةِ حَطِّهِ؛ لِأَنَّ تَضْمِينَ الْوَكِيلِ يَجْعَلُ الْحَطَّ كَأَنَّهُ هِبَةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ الْوَكِيلِ حَتَّى كَأَنَّهُ وَهَبَ ذَلِكَ الْقَدْرَ مِنْ مَالِهِ وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ قُلْنَا: لَا يَلْتَحِقُ فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ الشَّفِيعِ

(٣٤) قَوْلُهُ: لَهُ دَعْوَى فِي رَقَبَةِ الدَّارِ وَشُفْعَةٌ فِيهَا إلَخْ.

الْمَسْأَلَةُ فِي الْفَتَاوَى الظَّهِيرِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>