للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْلُ

ــ

[غمز عيون البصائر]

فِي سَاحَةٍ مَعَ شُفْعَةٍ وَنَوَائِبَ ... أَنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أُجْرَةُ الْقَسَّامِ

وَكَذَاكَ مَا يُرْمَى مِنْ السُّفُنِ الَّتِي ... يُخْشَى بِهَا غَرَقٌ وَطَرْقُ كِرَامِ

وَكَذَاك عَاقِلُهُ وَقَدْ تَمَّ الَّذِي ... حَرَّرْتُهُ لِأَفَاضِلِ الْأَعْلَامِ

(٣٧) قَوْلُهُ: الْعَقْلُ.

يَعْنِي الدِّيَةَ قَالَ الْغَجْدَوَانِيُّ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلْخَلَّاطِيِّ مَا نَصُّهُ: تَرْكُ الْغَوْثِ وَالْحِفْظِ تَسَبُّبٌ فِي النَّفْسِ دُونَ الْعُضْوِ وَالسِّقْطُ وَالْمَالُ تَعْظِيمًا لِأَمْرِ الدَّمِ وَأَقْوَى الْمِلْكِ بِالْمُكْنَةِ، فَإِذَا وُجِدَ حُرٌّ أَوْ عَبْدٌ قَتِيلًا فِي مَكَانِ مَمْلُوكٍ قُسِّمَتْ الْقِيمَةُ أَوْ الدِّيَةُ عَلَى عَدَدِ الْمُلَّاكِ دُونَ قَدْرِ الْأَمْلَاكِ إذْ الْعِلَّةُ تُرَجَّحُ بِالْقُوَّةِ لَا بِالْكَثْرَةِ كَمَا فِي الشُّفْعَةِ فَيَكُونُ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ قِسْطُ ثَلَاثِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ، ثُمَّ الْمُكْنَةُ الَّتِي بِالنِّسْبَةِ حَالَ كَوْنِ الِانْتِسَابِ خَاصًّا، فَإِذَا وُجِدَ قَتِيلٌ فِي مَحَلَّةٍ أَوْ مَسْجِدٍ قُسِّمَتْ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ نُسِبَتْ إلَيْهِ الْمَحَلَّةُ أَوْ الْمَسْجِدُ ثَلَاثَ قَبَائِلَ بِأَنْ كَانَتْ إحْدَى الْقَبَائِلِ مَثَلًا بَكْرَ بْنَ وَائِلٍ وَهُمْ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَالْقَبِيلَةُ الْأُخْرَى قَيْسٌ وَهُمْ ثَلَاثُونَ رَجُلًا وَالْقَبِيلَةُ الْأُخْرَى تَمِيمٌ وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَوُجِدَ فِي مَسْجِدِهِمْ أَوْ مَحَلَّتِهِمْ قَتِيلٌ كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَثْلَاثًا بِعَدَدِ الْقَبَائِلِ عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ دُونَ عَدَدِ الرُّءُوسِ عَكْسُ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ ثَمَّةَ تُقَسَّمُ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ دُونَ الْقَبَائِلِ، وَإِنَّمَا قُسِّمَتْ هُنَا بِعَدَدِ الْقَبَائِلِ دُونَ الرُّءُوسِ وَفَاءً بِمُكْنَةِ التَّدْبِيرِ يَعْنِي أَنَّ هَذَا الضَّمَانَ بِسَبَبِ تَرْكِ الْغَوْثِ وَالْحِفْظِ كَمَا ذَكَرْنَا، وَالْحِفْظُ يَكُونُ بِحُكْمِ التَّدْبِيرِ وَالْقِيَامِ بِمَصَالِحِ الْمَوْضِعِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ يُوَازِي الْآخَرَ فِي ذَلِكَ إذَا كَانُوا فِي الِاحْتِفَاظِ سَوَاءً مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قِلَّتِهِمْ أَوْ كَثْرَتِهِمْ، وَلِذَا لَوْ كَانَ مِنْ إحْدَى الْقَبَائِلِ وَاحِدٌ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، وَأَنَّهُ احْتَفَظَ مَعَهُمْ الْمَسْجِدَ أَوْ الْمَحَلَّةَ كَانَتْ ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالثُّلُثَانِ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَبِيلَتَيْنِ (انْتَهَى) .

وَمِنْهُ يُسْتَفَادُ تَقْيِيدُ مَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ بِمَا إذَا كَانَ وُجُوبُ الدِّيَةِ بِاعْتِبَارِ مُكْنَةِ الْمِلْكِ فَلْيُحْفَظْ، فَإِنَّ أَكْثَرَ الْكُتُبِ خَالِيَةٌ عَنْهُ.

قُلْت: وَعَلَى كَوْنِ الْعَقْلِ بِمَعْنَى الدِّيَةِ اسْتَحْسَنَ الْفَاضِلُ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْمُغْنِي قَوْلَ الشَّيْخِ جَمَالِ الدِّينِ بْنِ نَبَاتَةَ.

وَأَصْبُو إلَى السِّحْرِ الَّذِي فِي جُفُونِهِ ... وَإِنْ كُنْت أَدْرِي أَنَّهُ جَالِبٌ قَتْلِي

وَأَرْضَى بِأَنْ أَمْضِي قَتِيلًا كَمَا مَضَى ... بِلَا قَوَدٍ مَجْنُونُ لَيْلَى وَلَا عَقْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>