أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا بِالْغَلَبَةِ بِدُونِ إذْنِ الْآخَرِ، سَوَاءٌ كَانَ مَوْقُوفًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلِاسْتِغْلَالِ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْأَجْرُ، ٣٧ - وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ:
ــ
[غمز عيون البصائر]
إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَاضِرًا فَسَكَنَ الْآخَرُ فِي الدَّارِ الْمُعَدَّةِ لِلِاسْتِغْلَالِ فَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ الْقَاصِرِ عَمَلًا بِالْإِطْلَاقِ، وَيَكُونُ مَحَلُّ ضَمَانِ الْغَاصِبِ مَالَ الْيَتِيمِ غَيْرَ هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا سَكَنَ هُنَا بِتَأْوِيلِ الْمِلْكِ بِمَعْنَى أَنَّهُ سَكَنَ فِي مِلْكِهِ بِزَعْمِهِ فَلِهَذَا لَا يَضْمَنُ نَصِيبَ الْقَاضِي (انْتَهَى) .
أَقُولُ مَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُ الْمُصَنِّفِ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقِيلَ: دَارُ الْيَتِيمِ كَالْوَقْفِ فَيَضْمَنُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا عَنْ الْقُنْيَةِ
(٣٦) قَوْلُهُ: أَمَّا الْوَقْفُ إذَا سَكَنَهُ أَحَدُهُمَا إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ النِّصْفُ وَقْفًا وَالنِّصْفُ مِلْكًا وَسَكَنُهُ الْمِلْكُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ الْوَقْفِ، وَلَوْ سَكَنَهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ لِحِصَّةِ الْمِلْكِ عَلَيْهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ وُجُوبَ الْأَجْرِ فِي الْوَقْفِ ثَبَتَ اسْتِحْسَانًا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ صِيَانَةً لِلْوَقْفِ عَنْ أَيْدِي الظَّلَمَةِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ الْمِلْكُ (انْتَهَى) .
وَمِنْهُ يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ: هَلْ يَضْمَنُ أَجْرَ الْمِثْلِ لِلْوَقْفِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مَضْمُونًا بِكُلِّ حَالٍ أَمْ لَا؟ لِأَنَّهُ يَتَأَوَّلُ أَنَّهُ سَكَنَ فِي نَصِيبِهِ الْمَمْلُوكِ لَهُ مَحَلُّ نَظَرٍ (٣٧) قَوْلُهُ: وَيُسْتَثْنَى مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ مَسْأَلَةٌ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ نَقْلًا عَنْ مِنَحِ الْغَفَّارِ شَرْحِ تَنْوِيرِ الْأَبْصَارِ: وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى قَوْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ الْقَائِلِينَ بِعَدَمِ أَجْرِ الْمَغْصُوبِ مُطْلَقًا فَلَا اسْتِثْنَاءَ (انْتَهَى) .
ثُمَّ قَالَ فِي الْقُنْيَةِ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ سُكْنَى الْأُمِّ وُجُوبُ الْأَجْرِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (انْتَهَى) .
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: وَاَلَّذِي رَأَيْنَاهُ فِيهَا مِنْ كِتَابِ الْوَصَايَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهَا كَمَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ فَاعْلَمْ ذَلِكَ (انْتَهَى) .
وَقَدْ مَنَعَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيُّ صِحَّةَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا سَكَنَ فِي بَيْتِ زَوْجَتِهِ فَقَدْ نُقِلَ عَنْ قَاضِي خَانْ خِلَافُهُ وَالْغَرَضُ أَنَّهُ لِلْيَتِيمِ وَلَا لَهَا الْأَجْرُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا شَيْءَ فِيهِ فَهَذَا وَنَحْوُهُ كَالْوَقْفِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَيَجِبُ حِصَّةُ الْيَتِيمِ