إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ الْمَأْكُولِ كَمَا فِي مُنْيَةِ الْمُفْتِي
ــ
[غمز عيون البصائر]
بَعْضُ الْفُضَلَاءِ فِي كَلَامِ الْبَزَّازِيِّ بِأَنَّ الْحَدِيثَ عَامٌّ شَامِلٌ لِلصَّيْدِ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ يَعِيشُ بِدُونِ الْمُبَانِ أَوْ لَا.
فَمِنْ أَيْنَ لِلْبَزَّازِيِّ مَا قَالَهُ هُنَا فِي الصَّيْدِ لَا يُقَالُ: الْحَدِيثُ فِيمَا قَطَعَ مِنْ ذَنَبِ الشَّاةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الْعِبْرَةُ لِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا لِخُصُوصِ السَّبَبِ (انْتَهَى) .
أَقُولُ: الْبَزَّازِيُّ لَمْ يَسُقْ مَا ذَكَرَهُ مَسَاقَ الْبَحْثِ وَإِنَّمَا سَاقَهُ مَسَاقَ الْمَنْقُولِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّاقِلَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ مَنْعٌ وَلَا يُطَالَبُ بِدَلِيلٍ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي مَحَلِّهِ.
(٣٠) قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ مَذْبُوحٍ قَبْلَ مَوْتِهِ إلَخْ.
وَهُوَ ظَرْفُ الْمُنْفَصِلِ لَا الْمَذْبُوحِ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الْعُضْوَ انْفَصَلَ مِنْ مَذْبُوحٍ وَحَصَلَ الِانْفِصَالُ قَبْلَ الْمَوْتِ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْحَيَّ فَانْصَرَفَ إلَى الْحَيِّ صُورَةً وَحُكْمًا أَمَّا الْحَيُّ صُورَةً لَا حُكْمًا فَلَيْسَ بِحَيٍّ مُطْلَقًا بَلْ هُوَ حَيٌّ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ؛ فَلَوْ رَمَى صَيْدًا فَقَطَعَ رَأْسَهُ أَوْ ثُلُثًا مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ أَوْ قَطَعَهُ نِصْفَيْنِ حَلَّ الْمُبَانُ وَالْمُبَانُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حَيٌّ صُورَةً لَا حُكْمًا وَلَوْ ضَرَبَ صَيْدًا فَقَطَعَ يَدَهُ أَوْ رِجْلَهُ وَلَمْ تَنْفَصِلْ ثُمَّ مَاتَ إنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ الْتِيَامُهُ وَانْدِمَالُهُ حَلَّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَجْزَائِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُتَوَهَّمُ بِأَنْ بَقِيَ مُتَعَلِّقًا بِجِلْدِهِ حَلَّ مَا سِوَاهُ دُونَهُ لِوُجُودِ الْإِبَانَةِ مَعْنًى، وَالْعِبْرَةُ لِلْمَعَانِي.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي خِزَانَةِ الْفِقْهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ شَيْئًا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا: وَالثَّعْلَبُ وَالضَّبُّ وَالضَّبُعُ وَالْفِيلُ وَالذِّئْبُ وَالْفَهْدُ وَالنَّمِرُ وَالْأَسَدُ وَالْكَلْبُ وَالْقِرْدُ وَالْخِنْزِيرُ وَالْبَغْلُ وَالْحِمَارُ وَالْيَرْبُوعُ وَالْقُنْفُذُ وَالسُّلَحْفَاةُ وَالْحِدَأَةُ وَالْغُرَابُ الْأَبْقَعُ الَّذِي يَأْكُلُ الْجِيَفَ وَكُلُّ ذِي نَابٍ مِنْ السِّبَاعِ وَمِخْلَبٍ مِنْ الطُّيُورِ وَالْهِرَّةُ وَالْفَأْرَةُ وَالْعَقْرَبُ وَالْحَيَّةُ وَجَمِيعُ هَوَامِّ الْأَرْضِ وَسِتَّةُ أَشْيَاءَ يُؤْكَلُ لَحْمُهَا الْأَرْنَبُ وَالسَّمَكُ وَالْجِرِّيثُ وَالْجَرَادُ وَالصُّرَدُ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْجَرَادِ وَغُرَابُ الزَّرْعِ وَثَمَانِيَةٌ مِنْ الْمَيِّتِ يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِهَا الْقَرْنُ وَالظِّلْفُ وَالْعَصَبُ وَالصُّوفُ وَالْوَبَرُ وَالشَّعْرُ وَالرِّيشُ وَالْعَظْمُ سَوَاءٌ كَانَ مَأْكُولَ اللَّحْمِ أَوْ غَيْرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute