الْآجِرُ، إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ عِنْدَ الْمُسْتَأْجِرِ عَلَى دَيْنٍ لَهُ صَحَّ وَانْفَسَخَتْ.
٦ - أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ،
ــ
[غمز عيون البصائر]
الْحُكْمَ مُفَرَّعٌ عَلَى عَدَمِ جَوَازِ الرَّاهِنِ الْبِنَاءَ بِدُونِ الْأَرْضِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْتَ.
قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ: أَجْرُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مِنْهَا مَبْنِيٌّ بِلَا إجَازَةِ الرَّاهِنِ فَالْغَلَّةُ لِلْمُرْتَهِنِ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَمُحَمَّدٍ كَالْغَاصِبِ يَتَصَدَّقُ بِالْغَلَّةِ أَوْ يَرُدُّهَا عَلَى الْمَالِكِ وَإِنْ أَجَّرَ بِأَمْرِ الرَّاهِنِ بَطَلَ الرَّهْنُ وَالْأَجْرُ لِلرَّاهِنِ (انْتَهَى) وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْخَلَلِ
(٥) قَوْلُهُ: الْآجِرُ إذَا رَهَنَ الْعَيْنَ إلَخْ.
قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَبْضِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا أَجَّرَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَيَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ عَقْدِ الْإِجَارَةِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ قَبْضٍ كَمَا يُفِيدُهُ صَرِيحُ كَلَامِ الْبَزَّازِيَّةِ حَيْثُ قَالَ: اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْأَرْضَ الْمَرْهُونَةَ بَطَلَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ (انْتَهَى) .
وَهُوَ ظَاهِرٌ لِقَوْلِهِمْ: إنَّ قَبْضَ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ وَهُوَ الرَّهْنُ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ؛ وَالرَّهْنُ مَضْمُونٌ بِغَيْرِهِ وَالْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ أَمَانَةٌ لَكِنْ فِي الْعِمَادِيَّةِ: إذَا اسْتَأْجَرَ الْمُرْتَهِنُ الْمَرْهُونَ مِنْ الرَّاهِنِ يَصِحُّ وَلَا يَصِيرُ مَقْبُوضًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ مَا لَمْ يُجَدِّدْ الْقَبْضَ لِلْإِجَارَةِ حَتَّى لَوْ هَلَكَ قَبْلَ أَنْ يُجَدِّدَ قَبْضَ الْإِجَارَةِ يَهْلِكُ هَلَاكَ الرَّهْنِ (انْتَهَى) .
وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ قَرَّرَ فِيهَا أَنَّ قَبْضَ الْمَضْمُونِ بِغَيْرِهِ يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ غَيْرِ الْمَضْمُونِ وَلَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الْمَضْمُونِ وَالْمَضْمُونُ بِغَيْرِهِ الرَّهْنُ لَا يُقَالُ فِي هَذَا الْفَرْعِ إشْكَالٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَرْتَفِعُ بِمَا دُونَهُ وَقَدْ ارْتَفَعَ بِمَا دُونَهُ وَهُوَ الْإِجَارَةُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: عَقْدُ الْإِجَارَةِ أَقْوَى مِنْ عَقْدِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْإِجَارَةِ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَعَقْدَ الرَّهْنِ لَازِمٌ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ أَقْوَى مِنْ حَيْثُ تَعَلُّقُ الضَّمَانِ بِهَلَاكِ الرَّهْنِ دُونَ أَمِينِ الْمُؤَجِّرَةِ فَنَقُولُ بِأَنَّ عَقْدَ الرَّهْنِ إنَّمَا بَطَلَ بِمُبَاشَرَةِ الْمُرْتَهِنِ عَقْدَ الرَّهْنِ فَكَانَ هَذَا مِنْهُ فَسْخًا لِلرَّهْنِ، وَالرَّهْنُ ارْتَفَعَ بِالْإِجَارَةِ وَالْمُرْتَهِنُ يَنْفَرِدُ بِفَسْخٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ دُونَ الرَّاهِنِ حَتَّى لَوْ رَدَّهُ، وَقَالَ: فَسَخْتُ الرَّهْنَ، وَلَمْ يَرْضَ الرَّاهِنُ وَهَلَكَ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَهَذَا التَّحْرِيرُ مِنْ خَوَاصِّ هَذَا الْكِتَابِ
(٦) قَوْلُهُ: أَبَاحَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَكْلَ الثِّمَارِ فَأَكَلَهَا لَمْ يَضْمَنْ.
يَعْنِي لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute