الشُّبْهَةِ وَأَنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا وَشُبْهَةً، كَالْمُحْتَجِمِ إذَا أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا فَطَّرَتْهُ، وَكَمَنْ زَنَى بِجَارِيَةِ وَالِدِهِ أَوْ زَوْجَتِهِ ٤٨ - عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ
١ - وَالثَّالِثُ: الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ ٢ - وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا
ــ
[غمز عيون البصائر]
مُخَالِفًا لِلْكِتَابِ أَوْ السُّنَّةِ أَوْ الْإِجْمَاعِ فَإِنَّهُ يَصْلُحُ عُذْرًا كَالْمُحْجِمِ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْحِجَامَةَ مُفْطِرَةٌ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ؛ لِأَنَّ جَهْلَهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ، فَإِنَّ الْحِجَامَةَ تُفْسِدُ الصَّوْمَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَوْزَاعِيِّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» وَهَذَا إذَا كَانَ ظَنُّهُ مَبْنِيًّا عَلَى فَتْوَى مُفْتٍ أَوْ سَمَاعِ حَدِيثٍ أَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى أَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ بِالِاتِّفَاقِ بِخِلَافِ الْمُغْتَابِ لَوْ أَفْطَرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّ الْغِيبَةَ فَطَّرَتْهُ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْغِيبَةُ تُفْطِرُ الصَّائِمَ» ؛ لِأَنَّهُ مُؤَوَّلٌ بِالْإِجْمَاعِ فَلَا يَكُونُ جَهْلُهُ فِي مَوْضِعِ الِاجْتِهَادِ الصَّحِيحِ.
(٤٨) قَوْلُهُ: عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ فَإِنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا خِلَافًا لِزُفَرَ؛ لِأَنَّ الْأَمْلَاكَ مُتَّصِلَةٌ بَيْنَ الْآبَاءِ وَالْأَبْنَاءِ وَالزَّوْجَيْنِ، وَالْمَنَافِعُ دَائِرَةٌ؛ وَلِهَذَا لَا نَقْبَلُ شَهَادَةَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ فَيَكُونُ مَحَلًّا لِلِاشْتِبَاهِ فَيَصِيرُ الْجَهْلُ شُبْهَةً فَتَصْلُحُ دَارِئَةً لِلْحَدِّ وَيُسَمَّى هَذَا شُبْهَةَ الِاشْتِبَاهِ فَلَا يَثْبُتُ بِهَا النَّسَبُ، وَإِنْ ادَّعَى وَلَدُهَا، وَلَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْأَبُ جَارِيَةَ ابْنِهِ حَيْثُ يَثْبُتُ النَّسَبُ إذَا ادَّعَى وَلَدَهَا وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ نَشَأَتْ فِيهِ عَنْ الدَّلِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «أَنْتَ وَمَالُك لِأَبِيك» وَشُبْهَةُ الدَّلِيلِ أَقْوَى مِنْ شُبْهَةِ الِاشْتِبَاهِ
(١) قَوْلُهُ: وَالثَّالِثُ الْجَهْلُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ مُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ.
أَيْ الْجَهْلُ بِالشَّرَائِعِ مِنْ مُسْلِمٍ أَسْلَمَ فِيهَا.
(٢) قَوْلُهُ: وَإِنَّهُ يَكُونُ عُذْرًا.
حَتَّى لَوْ مَكَثَ فِيهَا وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ وَغَيْرَهُمَا وَلَمْ يُؤَدِّهَا لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهَا خِلَافًا لِزُفَرَ لِخَفَاءِ الدَّلِيلِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْخِطَابُ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ إلَيْهِ حَقِيقَةً بِالسَّمَاعِ وَتَقْدِيرًا بِالشُّهْرَةِ فَيَصِيرُ جَهْلُهُ عُذْرًا بِخِلَافِ الذِّمِّيِّ إذَا أَسْلَمَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لِشُيُوعِ الْأَحْكَامِ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ السُّؤَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute