٤٨ - وَعَنْهُ مُطْلَقًا. وَقَدْ جَمَعَ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ أَحْكَامَ الصِّبْيَانِ، فَمَنْ أَرَادَ الِاطِّلَاعَ عَلَى كَثْرَةِ فُرُوعِنَا وَحُسْنِ تَقْرِيرِنَا وَاسْتِيعَابِنَا وَعَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِيمَا نَقْصِدُهُ مِنْ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ فَلْيَنْظُرْ
ــ
[غمز عيون البصائر]
انْتَهَى) . وَفِي فَوَائِدِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ: الْكَفَالَةُ لِلصَّبِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لَا تَجُوزُ قِيلَ لَهُ الصَّبِيُّ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ مِنْ الْمَضَارِّ لَا عَلَى الْمَنَافِعِ بِدَلِيلِ قَبُولِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ هَذَا مَنْفَعَةٌ فَتَجُوزُ قَالَ: لِأَنَّ الْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ تَصِحُّ بِالْفِعْلِ وَفِعْلُهُ مُعْتَبَرٌ فَأَمَّا هَهُنَا لَا بُدَّ مِنْ قَبُولٍ وَهُوَ قَوْلٌ، وَقَوْلُهُ: غَيْرُهُ مُعْتَبَرٌ. قِيلَ: يُشْكِلُ بِمَا لَوْ أَجَّرَ نَفْسَهُ يَجِبُ الْأَجْرُ وَذَلِكَ قَوْلٌ؛ قَالَ فِي الْإِجَارَةِ قَدْ يَجِبُ الْأَجْرُ مِنْ غَيْرِ قَوْلٍ فَإِنَّ رَجُلًا لَوْ اسْتَعْمَلَ إنْسَانًا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَرَأَى الْقَاضِي أَنْ يُوجِبَ الْأَجْرَ عَلَيْهِ يَجِبُ الْأَجْرُ وَلَا عِبْرَةَ لِلْقَوْلِ فِي وُجُوبِ الْأُجْرَةِ (انْتَهَى) . وَبِهِ يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّتِهَا فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(٤٨) قَوْلُهُ: وَعَنْهُ مُطْلَقًا. أَيْ إذَا كَفَلَ عَنْهُ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَأَدَّى كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَيْهِ لِأَنَّ أَمْرَ الصَّبِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ بِالْكَفَالَةِ بِنَفْسِهِ وَبِمَا عَلَيْهِ مُعْتَبَرٌ شَرْعًا وَإِنْ كَانَ لَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ عَنْ الْغَيْرِ؛ لِأَنَّ كَفَالَتَهُ عَنْ الْغَيْرِ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَى الْغَيْرِ مِنْ وَجْهٍ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، أَمَّا الْإِذْنُ بِالْكَفَالَةِ عَنْهُ طَلَبُ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ مَحْجُورًا لَا يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَحْضُرَ مَعَ الْكَفِيلِ لِأَنَّ أَمْرَهُ بِالْكَفَالَةِ لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ كَانَ الصَّبِيُّ غَيْرَ تَاجِرٍ فَطَلَبَ أَبُوهُ مِنْ رَجُلٍ أَنْ يَضْمَنَهُ فَضَمِنَهُ كَانَ جَائِزًا وَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ وَكَذَلِكَ وَصِيُّهُ أَوْ جَدُّهُ إنْ كَانَ الْأَبُ مَيِّتًا، وَكَذَلِكَ الْقَاضِي إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَصِيٌّ وَلَا جَدٌّ، فَإِنْ تَغَيَّبَ الْغُلَامُ وَأَخَذَ الْكَفِيلَ بِالْغُلَامِ وَقَالَ: أَنْتَ أَمَرْتَنِي أَنْ أَضْمَنَهُ فَخَلِّصْنِي فَإِنَّ الْأَبَ يُؤْخَذُ بِذَلِكَ حَتَّى يَحْضُرَ ابْنُهُ وَلَيْسَ طَرِيقُهُ أَنَّ الْأَبَ أَمَرَهُ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْغَيْرِ لَا يُثْبِتُ لِلْمَأْمُورِ حَقَّ مُطَالَبَةِ الْآمِرِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَكْفِلْ بِنَفْسِ فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ وَكَفَلَ وَغَابَ الْمَطْلُوبُ فَأَرَادَ الطَّالِبُ أَنْ يُطَالِبَ الْآمِرَ بِالْكَفَالَةِ بِإِحْضَارِ الْمَطْلُوبِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَكِنْ طَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَقَبْضَهُ وَتَدْبِيرَهُ؛ وَلِهَذَا قَالُوا: إنَّ الصَّبِيَّ الْمَأْذُونَ لَهُ إذَا أَعْطَى كَفِيلًا بِنَفْسِهِ ثُمَّ تَغَيَّبَ الصَّبِيُّ فَإِنَّ الْأَبَ يُطَالَبُ بِإِحْضَارِهِ، وَطَرِيقُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ فِي يَدِهِ وَتَدْبِيرَهُ، كَذَا فِي جَامِعِ أَحْكَامِ الصِّغَارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute